بقي الكلام أن في الحديث اشكالا ظاهرا يمنع من الاعتماد عليه في المقام وإن كان قد غفل عنه جملة من علمائنا الأعلام، وذلك أنه من المعلوم المشاهد بالوجدان والمستغني بالعيان عن البيان أن ظل الزوال يتزايد من أول السرطان الذي هو أول الرجوع عن انتهاء الميل الكلي إلى آخر القوس وينقص من أول الجدي إلى آخر الجوزاء يوما فيوما وشهرا فشهرا على سبيل التزايد في كل من النقيصة والزيادة، بمعنى أن زيادته وانتقاصه في اليوم الثاني والشهر الثاني أزيد منه في اليوم الأول والشهر الأول وهكذا في الثالث بالنسبة إلى الثاني وفي الرابع بالنسبة إلى الثالث حتى ينتهي إلى غاية الزيادة والنقصان، ومن هذا القبيل حال ازدياد الساعات وانتقاصها في أيام السنة ولياليها وهذا ظاهر للناقد البصير ولا ينبئك مثل خبير، فكيف يكون ازدياد الظل في ثلاثة أشهر قدما قدما وفي الثلاثة الأخرى قدمين قدمين كما في الرواية المذكورة؟ فإنه خلاف ما يحكم به المشاهدة والوجدان. والله سبحانه وقائله أعلم.
ومنها - ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل قبلة العراق كما ذكروه، والظاهر أنها إنما تتم بالنسبة إلى أطراف العراق الغربية كالموصل وما والاها ممن تكون قبلتهم نقطة الجنوب إذ تكون دائرة نصف النهار حينئذ بين العينين فإذا زالت الشمس عن دائرة نصف النهار نحو المغرب مالت بالضرورة إلى الحاجب الأيمن، وأما أطراف العراق الشرقية وما والاها من أواسطها ممن تميل قبلتهم عن الجنوب نحو المغرب على تفاوت في ذلك زيادة ونقيصة فعند ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن يكون قد مضى من الزوال مقدار غير قليل لانحراف قبلتهم نحو المغرب وإن كان ذلك في أواسط العراق أقل لقلة انحرافهم نحو المغرب بالنسبة إلى الأطراف الشرقية، قال والدي (قدس سره) بعد ذكر نحو ما قلناه: وأما ما ذكره شيخنا البهائي (قدس سره) - من أن ذلك يمكن جعله علامة للزوال في أواسط العراق أيضا كالكوفة وما والاها لأنه عند ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل قبلتهم لا يكون مضى من الزوال قدر معتد به -