(الثاني) - ينبغي أن يعلم أن القبلة ليس نفس البنية الشريفة بل محلها من تخوم الأرض إلى عنان السماء، فلو زالت البنية - والعياذ بالله - صلى إلى جهتها التي تشتمل على العين كما يصلي من هو أعلى من الكعبة إلى الجهة المسامتة للبنية وكذا من هو أخفض من موضعها بأن يكون في سرداب، والظاهر أنه لا خلاف فيه، ويدل عليه مضافا إلى الاتفاق ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الموثق عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " سأله رجل قال صليت فوق جبل أبي قبيس العصر فهل يجزئ ذلك والكعبة تحتي؟ قال نعم إنها قبلة من موضعها إلى السماء " وعن خالد بن أبي إسماعيل أو ابن إسماعيل (2) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الرجل يصلي على أبي قبيس مستقبل القبلة؟ قال لا بأس ".
(الثالث) - لو صلى على سطح الكعبة فهل يصلي قائما ويبرز بين يديه منها شيئا يصلي إليه أو يستلقي على قفاه ويصلي؟ قولان المشهور الأول وبه قال الشيخ في المبسوط وقال في الخلاف والنهاية وابن بابويه وابن البراج بالثاني لكن قيده ابن البراج بعدم التمكن من النزول. واستند الأولون في وجوب الصلاة قياما إلى الأدلة الدالة على وجوب القيام والقعود والركوع والسجود في الصلاة كما يصلي داخلها. واحتج الشيخ في الخلاف على ما ذهب إليه بالاجماع وبما رواه عن علي بن محمد عن إسحاق بن محمد عن عبد السلام عن الرضا (عليه السلام) (3) قال: في الذي تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة؟ قال إن قام لم يكن له قبلة ولكن يستلقي على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء ويعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور ويقرأ فإذا أراد أن يركع غمض عينيه وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه والسجود على نحو ذلك ".
أقول: لا ريب أن من يعمل على هذا الاصطلاح المحدث فإنه يتحتم عنده القول بالأول لضعف الخبر المذكور وأما من لا يعمل عليه فيبقى عنده التعارض بين تلك الأخبار