تنبيهات (الأول) - المفهوم من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) الذي قدمنا ذكره هو أن الاجتهاد الذي هو عبارة عن بذل الوسع في تحصيل الأمارات المفيدة للظن بالجهة بعد تعذر العلم بالجهة بالأمارات المذكورة في كلام علماء الهيئة، فيجتهد مع فقدها في تحصيل أمارة توجب ظنه بالجهة ويبني عليها.
وقد تقدم من الأخبار ما يدل على جواز البناء على هذا الظن الناشئ عن التحري ويزيده بيانا ما رواه الكليني في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) " في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة؟ قال يعيد ولا يعيدون فإنهم قد تحروا " ويؤيده أيضا صحيحة سليما بن خالد (2) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) " الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ثم يضحي فيعلم أنه صلى لغير القبلة كيف يصنع؟ قال إن كان في وقت فليعد صلاته وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده " ونحوها صحيحة يعقوب بن يقطين (3).
وربما ظهر من كلام الشيخين في المقنعة والمبسوط هنا عدم العمل على الظن والصلاة إلى أربع جهات، قال في المقنعة: إذا أطبقت السماء بالغيم فلم يجد الانسان دليلا عليها بالشمس والنجوم فليصل إلى أربع جهات فإن لم يقدر على ذلك بسبب من الأسباب المانعة من الصلاة أربع مرات فليصل إلى أي جهة شاء وذلك مجزئ مع الاضطرار.
وقال في المبسوط بعد أن ذكر أربع علامات نجومية لقبلة العراق: فإن فقد هذه الأمارات يصلي إلى أربع جهات الصلاة الواحدة مع الاختيار.
واستدل الشيخ لذلك برواية خراش عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه