بالجاهل من علم وجوب رعاية الوقت لكنه غير عارف بالوقت أيضا فالظاهر البطلان أيضا على القول المذكور بالتقريب السابق. وإن قصدنا به الجاهل بوجوب رعاية الوقت ففيه اشكال.
ورجح بعض أفاضل المتأخرين الصحة لصدق الامتثال. وقال أيضا وبالجملة كل من فعل ما هو في نفس الأمر وإن لم يعرف كونه كذلك ما لم يكن عالما بنهيه وقت الفعل حتى لو أخذ المسائل من غير أهله بل لو لم يأخذ من أحد وظنها كذلك فإنه يصح ما فعله، وكذا في الاعتقادات وإن لم يأخذها عن أدلتها فإنه يكفي ما اعتقده دليلا وأوصله إلى المطلوب ولو كان تقليدا، قال كذا يفهم من كلام منسوب إلى المحقق نصير الملة والدين. قال وفي كلام الشارع إشارة إليه، وذكر أشياء يطول الكلام بنقلها.
وعندي أن ما ذكره منظور فيه مخالف للقواعد المقررة العدلية وليس المقام مقام تفصيله لكن أقول اجمالا أن أحد الجاهلين إذا صلى في الوقت والآخر في غير الوقت فلا يخلو إما أن يستحقا العقاب أو لا يستحقا أصلا أو يستحق أحدهما دون الآخر، وعلى الأول ثبت المطلوب لأن استحقاق العقاب إنما يكون لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه، وعلى الثاني يلزم خروج الواجب عن كونه واجبا، ولو أنفتح هذا الباب لجرى الكلام في كل واحد واحد من أفعال الصلاة ويفضي الأمر إلى ارتفاع جل التكاليف، وهذا مفسدة واضحة لا يسوغ لأحد الاجتراء عليه ومعلوم فساده بالضرورة، وعلى الثالث يلزم خلاف العدل لاستوائهما في الحركات الاختيارية الموجبة للمدح والذم وإنما حصل مصادفة الوقت وعدمه بضرب من الاتفاق من غير أن يكون لأحد منهما فيه ضرب من التعمد أو السعي، وتجويز مدخلية الاتفاق الخارج عن القدرة في استحقاق المدح والذم مما هدم بنيانه البرهان وعليه اطباق العدلية في كل زمان. وأما الإشارات التي ذكرها فكل منها قابل للتأويل فيشكل الاعتماد عليها والتعويل وليس المقام مقام التفصيل هذا ظاهر التحقيق وإن كان الاشكال فيه وفي نظائره ثابتا. انتهى كلام الفاضل المشار إليه أقول - وبالله سبحانه التوفيق لبلوغ كل مأكول - لا يخفى أن ما تكلفه هذا