فسر الكفر هنا بكفر الترك وعد منه ترك الصلاة متعمدا لا من علة، والعمل في الخبرين وإن كان أعم من المدعى إلا أنه يجب تقييده بالأخبار الدالة على أن موجب الكفر إنما هو ترك كبائر العبادات وارتكاب كبائر المعاصي، وكيف كان فالظاهر قوة ما ذكرناه أولا من اختصاص ترك الصلاة بهذا الحكم دون سائر كبائر الطاعات إلا أن الخطب يعظم في المسامع ويتسع الخرق على الراقع لاستلزام كفر جمهور الناس إذ لا فرق بين تارك الصلاة بالكلية وبين من صلى صلاة باطلة ولا يخفى أن الصلاة الصحيحة في عامة الناس أعز من الكبريت الأحمر، نسأل الله سبحانه العفو عن الزلات وإقالة الخطيئات. والله العالم.
(المقام الرابع) - ما دل عليه صحيح أبان بن تغلب وحديث أبي بصير (1) - من الحث على المحافظة على الصلوات في أوقاتها وأنها إذا صلاها لغير وقتها رجعت إليه تدعو عليه - مما يدل على مذهب الشيخين في أن الوقت الثاني إنما هو لأصحاب الأعذار وأما من ليس كذلك فوقته إنما هو الأول، والمراد بالمواقيت المأمور بالمحافظة فيهن هي أوائل الأوقات التي هي على المشهور وقت فضيلة والوقت الثاني وقت اجزاء وعلى مذهب الشيخين الأول وقت الاختيار والثاني وقت الاضطرار وأصحاب الأعذار، وسيأتي مزيد بسط إن شاء الله تعالى في بيان صحة ما قلناه وحيث إنه له محلا أليق أخرنا الكلام فيه إليه.
(فصل) - روى الصدوق في الفقيه في الصحيح عن زرارة بن أعين (2) قال: " قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أخبرني عما فرض الله تعالى من الصلوات قال خمس صلوات في الليل والنهار. قلت هل سماهن الله وبينهن في كتابه؟ قال نعم قال الله عز وجل لنبيه " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " (3) ودلوكها زوالها