عيناه عنها في بعض الأوقات حتى يطلع الفجر فإنه يصليها مخففة كما تقدم جميع ذلك، فإن هذه المواضع كلها تدل على جواز ايقاع النافلة في وقت الفريضة.
والجواب عن ذلك (أولا) أن هذه المواضع خارجة عن محل النزاع فإن مطرح البحث النوافل المبتدأة أو قضاء الراتبة والخصم لا يقول بأن النوافل في هذه الأوقات تصلى قضاء فلا دليل له في ذلك. و (ثانيا) إنا نقول إن جواز النافلة في هذه الصورة إنما خرج مخرج الرخصة وليست بأعظم رتبة من الفريضة، والشارع قد جوز فيها ذلك وبه صرح الأصحاب فقالوا بأن من أدرك من الوقت ركعة فقد أدرك الوقت كله ورووا ذلك بهذا العنوان ووردت به الرواية في خصوص صلاة الصبح كما سيأتي إن شاء الله تعالى في محله، وقد اتفقوا على أنه لا قضاء عليه بعد ذلك مع الاتفاق نصا وفتوى على بطلان الصلاة في غير وقتها فليكن ما نحن فيه من قبيل ذلك.
ومن الرخص في النوافل أيضا ما تقدم من جواز تقديم صلاة الليل على الانتصاف للمسافر والشاب الذي تمنعه رطوبة دماغه عن الانتباه، وتقديم نافلة الزوال لمن يشتغل عن أدائها وقضائها، ومنها - تقديم غسل الجمعة لخائف عوز الماء. واعطاء زكاة الفطرة قبل وقتها، ونحو ذلك، وهذه المواضع المعدودة من قبيل ذلك فلا منافاة فيها للأخبار الدالة على المنع من النافلة بعد دخول وقت الفريضة كما لا يخفى. والله العالم.
(المسألة الثالثة) - اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في جواز النافلة لمن عليه قضاء فريضة، فالأكثر منهم على المنع من ذلك وهو اختيار العلامة في المختلف وأكثر المتأخرين، وقيل بالجواز ونقل عن الصدوق وابن الجنيد وإليه ذهب الشهيدان والأظهر عندي هو القول المشهور.
لنا - ما سيأتي إن شاء الله تعالى في المقصد الآتي من قوله تعالى: " وأقم الصلاة لذكري " (1) المفسر في الأخبار بذكر الصلاة الفائتة، وما يأتي أيضا من الروايات الدالة