... الدعاء إلى آخره " فإن أرادوا أنه يطلق على الدعاء كذلك أنه قنوت فلا مشاحة في الاصطلاح وإن أرادوا أنه قنوت شرعي يستحب فيه ما يستحب في القنوت من رفع اليدين قبال الوجه فالخبر المذكور لا دلالة له عليه وليس غيره في الباب، مع أن المستفاد من الأخبار المتكاثرة أن قنوت الوتر إنما هو قبل الركوع عموما في كثير منها وخصوصا في صحيحة معاوية بن عمار (1) " أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن القنوت في الوتر؟ قال قبل الركوع. قال فإن نسيت أقنت إذا رفعت رأسي؟ قال لا " وفي هذا الخبر أيضا إشارة إلى ما قدمنا البحث فيه من عدم القنوت في الركعتين الأوليين بتقريب ما قدمناه من أن الوتر اسم للركعات الثلاث حيث إنه إنما أمر فيها بقنوت واحد قبل الركوع، ولا جائز أن يحمل على القنوت في الركعتين الأوليين لكونه خلاف الاجماع نصا وفتوى فإن القائل به يجعله ثانيا لا أنه يخصه به. وبالجملة فإني لا أعرف لهذا القنوت الثالث وجها إلا الحمل على التجوز في تسمية الدعاء قنوتا وفيه ما لا يخفى. والله العالم.
(الخامسة) - قد اشتهر في كلام الأصحاب استحباب الدعاء لأربعين من إخوانه في قنوت الوتر، قال في المدارك بعد الكلام في استحباب الاستغفار في قنوت الوتر سبعين مرة، ويستحب الدعاء فيه لإخوانه المؤمنين بأسمائهم وأقلهم أربعون، فروى الكليني في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه " وفي الحسن عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: " من قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له " أقول: لا ريب في استحباب الدعاء للإخوان وكذا الأربعين من الإخوان كما ورد في عدة أخبار زيادة على ما ذكره إلا أنها لا تقييد فيها بوقت