إلى تأخيرها والابراد بها في الصيف وهو الأشبه بالاتباع، وقال الشافعي تعجيلها أولى إلا أن يكون إمام مسجد ينتابه الناس من بعد فإنه يبرد بها في الصيف فأما من صلى وجده أو جماعة في مسجد بفناء بيته لا يحضره إلا من بحضرته فإنه يعجلها لأنه لا مشقة عليهم في تعجيلها. انتهى. ويمكن أن يكون نظرهم إلى استفاضة الأخبار بأفضلية الصلاة في أول الوقت ولعله الأظهر. وفيه أنهم قد استثنوا من ذلك جملة هذه المواضع التي قدمناها ولم يختلفوا في ذلك فما بالهم اختلفوا في هذا المواضع بخصوصه؟ على أن أخباره صريحة ظاهرة في ذلك ولا معارض لها في البين سوى ما عرفت مما ارتكبوا تخصيصه بجملة المواضع المتقدمة، مع أن جملة من تلك المواضع كما عرفت خال من الدليل كما نبهنا عليه بقي الكلام في أن الأصحاب إنما صرحوا باستحباب الابراد بصلاة الظهر خاصة بالشروط التي ذكروها، والظاهر كما قدمنا من خبري زرارة هو الابراد في الظهر والعصر وهو مشكل إذ الخروج عن مقتضى الأخبار المستفيضة بمثل هذين الخبرين سيما مع عدم ذهاب أحد إليه لا يخلو من بعد، بل ربما يكاد يشم من خبري زرارة رائحة التقية لأنهم (عليهم السلام) كثيرا ما يخصونه بأحكام ينفرد بها عن الشيعة اتقاء عليه مثل خبر الاهلال بالحج (1) وخبر النوافل (2) وإلا فاختصاص زرارة بالملازمة على ذلك وابن بكير دون جملة الشيعة الموجودين يومئذ كما صرح به حديث الكشي لا وجه له ظاهرا إلا ما قلناه. ولعل في سكوته (عليه السلام) عن جوابه والارسال إليه باطنا بذلك ما يشير إلى ما قلناه. واحتمل بعض الفضلاء في خبري زرارة حملهما على أن يكون ظل الزوال فيه حال الصيف خمسة أقدام مثلا فإذا صار مع الزيادة الحاصلة بعد الزوال مساويا للشاخص يكون قد زاد قدمين فيوافق الأخبار الأخر. وهو مع بعده لا يستقيم في العصر وكيف كان فالاحتياط في المحافظة على أول الوقت على أي نحو كان إلا مع مشقة تلزم من ذلك. والله العالم.
(٣٣٥)