أو الجواز، ومثله الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في كتاب الوسائل حيث إن ظاهر كلامه بعد حكمه بكراهة التربع حمل الحديث المذكور على بيان الجواز - أشكل الحكم في الجمع بين هذه الأخبار فإن الاستحباب والكراهة حكمان متقابلان لا يتصف بهما أمر واحد، واحتمال الاستحباب والكراهة بالنظر إلى حالتي الصلاة والأكل فيستحب في حال الصلاة ويكره في الجلوس للأكل يدفعه عموم أخبار الكراهة من قوله: " لم ير متربعا قط " وقوله " إنها جلسة يبغضها الله تعالى ويبغض صاحبها " وإن كان له كيفيات متعددة - كما يظهر من عبارة القاموس حيث قال: " وتربع في جلوسه خلاف جثى وأقعى " وظاهره صدق التربع على جميع هيئات الجلوس إلا الجلوس جاثيا ومقعيا - زال الاشكال، إلا أني لم أقف على دليل واضح من الأخبار لبيان هيئة من هيئاته. نعم روى الكشي (1) في ترجمة جعفر بن عيسى في حديث عن أبي الحسن (عليه السلام) قال فيه " وكان جالسا إلى جنب رجل وهو متربع رجلا على رجل " ويمكن أن يحمل خبر أبي بصير المتقدم وقوله فيه: " ولا يضع إحدى رجليه على الأخرى ولا يتربع " على أن التربع هو وضع إحدى الرجلين على الأخرى كما دل عليه خبر الكشي فيكون قوله " ولا يتربع " عطفا تفسيريا وهو الأوفق بقوله " فإنها جلسة يبغضها الله تعالى " بأن يكون وضع إحدى الرجلين على الأخرى هو التربع الذي يبغضه الله تعالى، والكلام في جلوسه (عليه السلام) متربعا يحمل على ما حملت عليه الأخبار المتقدمة من الضرورة أو بيان الجواز أو تعدد الهيئات. وبالجملة فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال إلا أن المقام مقام استحباب أو كراهة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه قد ذكر جمع من الأصحاب (رضوان الله عليهم) في كيفية ركوع القاعد حالتين (إحداهما) أن ينحني بحيث يصير بالنسبة إلى القاعد المنتصب كالراكع القائم بالنسبة إلى القائم بالنسبة إلى القائم. و (ثانيتهما) أن ينحني بحيث تحاذي جبهته موضع سجوده