كصاحب المدارك وغيره فهو مما يقضى منه العجب عند ذوي الأفهام والأذهان لاستفاضة الأخبار بل ربما يدعى الضرورة من الدين بأنهما من جملة الصلاة وإن كانا من مستحباتها فكيف يعترض بهما على وجوب تقديم الفائتة أو يعترض بهما على منافاة الفورية. وبالجملة فإن الواجب هو قضاء الصلاة التي هي عبارة عن الأذان والإقامة وما بعدهما لا أن القضاء إنما يختص بتكبيرة الاحرام وما بعدها، غاية الأمر أن الشارع رخص لمن عليه صلوات متعددة أن يأتي بأذان واحد في أول ورده ويكتفي في الباقي بإقامة إقامة وأما بالنسبة إلى الروايات المتضمنة لجواز النافلة لمن عليه فريضة كما ذكره في المدارك ففيه (أولا) أن ظاهر ما قدمه في بحث الأوقات هو التوقف في هذه المسألة كما قدمنا ذكره في المسألة المذكورة. و (ثانيا) أن هذه الروايات معارضة بجملة من الروايات الصحاح الصراح الدالة على العدم كما تقدم تحقيقه في المسألة المذكورة.
أقول: أنظر رحمك الله تعالى إلى ما لفقوه في هذه المسألة من هذه الأدلة العليلة والحجج الواهية الضئيلة وخرجوا بها عن تلك الأخبار الصحاح الصراح التي هي في الدلالة على المراد كضوء المصباح بل أسفار الصباح وتأولوها بالحمل على الاستحباب الذي لا مستند له من سنة ولا كتاب وإن عكفوا عليه في جميع الأبواب.
(الموضع الثالث) - في نقل أجوبتهم عن الأدلة التي قدمناها واعتمدنا عليها في المقام والجواب عنها بوجوه شافية وافية ظاهرة لذوي الأذهان والأفهام، ولنكتف هنا بما ذكره السيد السند في المدارك لأنه نقل ما ذكره من تقدمه وزاد على ذلك:
فنقول: قال (قدس سره) في الكتاب المذكور: احتج القائلون بالتضييق بالاجماع والاحتياط وأنه مأمور بالقضاء على الاطلاق والأوامر المطلقة للفور وقوله تعالى:
" وأقم الصلاة لذكري " (1) والمراد بها الفائتة لقوله (عليه السلام) في رواية زرارة (2) " ابدأ بالتي فاتتك فإن الله تعالى يقول وأقم الصلاة لذكري " وما رواه الشيخ