ويدلك على ما ذكرنا صحيحة زرارة الثانية (1) وقوله فيها " وإن أفسدها كلها - يعني الفريضة والنافلة بعدم الاقبال فيهما - لم يقبل منه شئ منها ولم تحسب له نافلة ولا فريضة.. الحديث " وبالجملة فكلام شيخنا المذكور (نور الله ضريحه) لا يخلو من الغفلة عن ملاحظة الأدلة في المقام.
(الثاني) - أن ما دلت عليه هذه الأخبار من عدم قبول صلاة من لا يقبل بقلبه عليها وأنه لا يقبل منها إلا ما أقبل عليه بقلبه هل المراد به القبول الكامل أو عدم القبول بالمرة بحيث يعود العمل إلى مصدره؟ ونحوه أيضا ما ورد من عدم قبول صلاة شارب الخمر إلى أربعين يوما وعدم قبول صلاة الآبق حتى يرجع إلى مولاه والناشز حتى ترجع إلى زوجها ونحو ذلك مما وردت به الأخبار، المفهوم من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) الأول وهو الظاهر وقيل بالثاني، ولا خلاف بين الجميع في صحة صلاتهم وأنها مجزئة ومبرءة للذمة ما لم يعرض لها مبطل من خارج اتفاقا نصا وفتوى، وإنما الكلام كما عرفت في القبول المنفي هل المراد منه القبول الكامل فيصير النفي متوجها إلى القيد خاصة وإن كانت موجبة للقبول وترتب الثواب في الجملة بناء على استلزام الاجزاء للثواب كما هو القول المشهور والمؤيد المنصور أو أن المراد به القبول بالكلية بأن لا يترتب عليها ثواب بالكلية وإن كانت مجزئة بناء على أن قبول العبادة أمر مغاير للاجزاء وأنه لا تلازم بينهما فقد تكون صحيحة مجزئة وإن لم تكن مقبولة كما هو مرتضى المرتضى (رضي الله عنه) وإليه يميل كلام شيخنا البهائي في كتاب الأربعين.
والأظهر عندي هو الأول ولنا عليه وجوه: (الأول) - أن الصحة المعبر عنها بالاجزاء أما أن تفسر بما هو المشهور من أنها عبارة عن موافقة الأمر وامتثاله وحينئذ فلا ريب في أن ذلك موجب للثواب وعلى هذا فالصحة مستلزمة للقبول، وأما أن تفسر بما أسقط القضاء كما هو المرتضى عند المرتضى وعليه بنى ما ذهب إليه في المسألة. وفيه