(الثانية) - المفهوم من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه يجب الاستقبال بما أمكن من صلاته لقوله تعالى " فولوا وجوهكم شطره " (1) وعلى هذا فيجب عليه أن يحرف الدابة لو انحرفت عن القبلة مع المكنة إذا كان المشي إلى صوب القبلة. ولو حرفها عنها عمدا لغير ضرورة بطلت صلاته.
والذي وقفت عليه من الأخبار مما يتعلق بهذا الحكم صحيحة زرارة (2) قال:
" قال أبو جعفر (عليه السلام) الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة المواقفة إيماء على دابته. ثم قال ويجعل السجود أخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه ".
وقال (عليه السلام) في كتاب الفقه الرضوي (3) " إذا كنت راكبا وحضرت الصلاة وتخاف أن تنزل من سبع أو لص أو غير ذلك فلتكن صلاتك على ظهر دابتك وتستقبل القبلة وتومئ إيماء إن أمكنك الوقوف وإلا استقبل القبلة بالافتتاح ثم امض في طريقك التي تريد حيث توجهت بك راحلتك مشرقا ومغربا، وتنحني للركوع والسجود ويكون السجود أخفض من الركوع، وليس لك أن تفعل ذلك إلا آخر الوقت " وظاهر الجميع بل صريحه الاستقبال بتكبيرة الافتتاح، وقد دلت العبارة المتقدمة على الاستقبال أيضا بالركوع والسجود وعليه العمل وإن كان المحافظة على ما ذكروه أحوط ثم إنه بناء على ما قدمنا ذكره عنهم قيل يجب عليه تحري الأقرب إلى جهة القبلة فالأقرب، قال في المدارك: وكأن وجهه أن للقرب أثرا عند الشارع ولهذا افترقت الجهات في الاستدارك لو ظهر خطأ الاجتهاد. وقيل بالعدم للخروج عن القبلة فتتساوى الجهات.
قال في المدارك: ولو قيل يجب تحري ما بين المشرق والمغرب دون باقي الجهات لتساويها في الاستدراك لو ظهر خطأ الاجتهاد لقولهم (عليهم السلام) (4) " ما بين المشرق