لاختلاف الجهتين وإن كانت صحيحة مسقطة للقضاء في اعتقاده وإلا فصلاته هي الباطلة لعدم المطابقة، وبالجملة فإنه يقطع هنا بفساد واحدة لا بعينها لعدم المطابقة للقبلة الواقعية.
وبذلك يظهر لك ما في جواب صاحب المدارك عن الفرق الذي ذكره شيخنا المذكور، وتوضيحه أنه لا ريب أن قبلة البعيد عندهم إنما هي جهة الكعبة والاجتهاد إنما يقع في تحصيلها فكل من كل اجتهاده مؤديا لها فهو مصيب ومن لم يكن كذلك فهو مخطئ ومجرد كون فرض كل منهم العمل باجتهاده لا يستلزم صحة ما يأتي به مطلقا بل يجب تقييده بمطابقة الواقع بمقتضى تصريحاتهم في أمثال هذا المقام، فإنه متى اجتهد واتفق مطابقة اجتهاده للقبلة الواقعية فالصلاة صحيحة مقبولة من هذه الجهة يثاب عليها كالصلاة المعلوم توجهها إلى القبلة وإلا كانت بحسب الظاهر صحيحة مسقطة للقضاء ما لم ينكشف الخطأ وإن كانت عند غيره ممن يحكم بخطأه باطلة لتقصيره في الاجتهاد، غاية الأمر أن كلا منهم يدعي الإصابة في اجتهاده وتخطئة من سواه لأن المصيب حينئذ حقيقة واحد لا غير وإن كان مجهولا والثاني يكون مخطئا، وصحة الصلاة المترتبة على مطابقة الواقع إنما تثبت للمصيب واقعا والثانية باطلة. ونظير هذه المسألة ما ذكروه في الاجتهاد في الأحكام الشرعية بالأدلة المقررة من أن حكم الله تعالى في المسألة واحد فمتى اختلف المجتهدون في الحكم في تلك المسألة لا يجوز أن يقال إن كلا منهم مصيب وأن حكم الله في المسألة هو الذي أدى إليه اجتهاد المجتهد إلا على قول ضعيف مرغوب عنه بل يجب أن يقال حكم الله واحد يصيبه المصيب ويخطئه المخطئ. بقي الكلام في المؤاخذة على هذا الخطأ وعدمها وفيه تفصيل حققناه في كتاب الدرر النجفية في الدرة التي في شرح مقبولة عمر بن حنظلة.
ثم إنه يأتي على تقدير ما أجاب به السيد المذكور أنه لو كان الإمام يعتقد استحباب السورة والقنوت مثلا والمأموم يعتقد وجوبهما فإنه يجوز له الاقتداء به وإن ترك السورة والقنوت لاستحبابهما عنده بتقريب ما ذكره من أنه مكلف بظنه واجتهاده