فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلاتين فليصل المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلها " ونحوها رواية الحسن بن زياد عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) الدالة على " أن الذاكر ظهرا منسية في أثناء العصر يعدل ولو ذكر مغربا في أثناء العشاء صلى المغرب بعدها ولا يعدل لأن العصر ليس بعدها صلاة " وفي صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) " فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس ".
وهذه الأخبار قد حملها الشيخ على التقية وهو جيد لما قدمنا تحقيقه من أن رواية أبي بصير وصحيحة ابن سنان الدالتين على امتداد وقت العشاءين إلى قبل الفجر إنما خرجتا مخرج التقية في ذلك فكذا في هذا الحكم. وبالجملة فإن المستفاد من الأخبار المذكورة هو استثناء هذه الصلوات المذكورة كملا من عموم تلك الأخبار فلا كراهة فيها بالكلية.
(الثاني) - المستفاد من هذه الأخبار بعد ضم مطلقها إلى مقيدها هو جواز قضاء النوافل في هذه الأوقات من غير كراهية، لأن بعضها وإن دل باطلاقه على المنع إلا أن رواية علي بن بلال قد صرحت باستثناء القضاء، وعليها يحمل أيضا اطلاق صحيحة عبد الله بن سنان الدالة على أنه يصلي بعد العصر من النوافل ما شاء وبعد الغداة يعني قضاء وكذا رواية محمد بن فرج لما عرفت من دلالة الأخبار المذكورة على المنع من المبتدأة خصوصا وعموما.
ومما يدل على جواز القضاء في هذه الأوقات الأخبار المستفيضة كرواية محمد بن يحيى بن حبيب (3) قال: " كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) تكن علي الصلاة النافلة متى أقضيها؟ فكتب في أي ساعة شئت من ليل أو نهار ".