تعليله المذكور هنا في تلك المقامات وليس إلا من حيث إن ظهور الاستدبار موجب للبطلان كما ذكرنا.
وبالجملة فإنه لا ريب أن الاستدبار من قواطع الصلاة الموجبة لبطلانها ووجوب إعادتها لو وقع فيها خرج منه ما لو لم يعلم إلا بعد أن صلاها في الوقت ثم خرج الوقت بناء على المشهور وظواهر الأخبار الآتية، فيجب الاقتصار على موردها من الصلاة التي صليت في الوقت ووقع التفصيل فيها بما تقدم وبقي الباقي ومنه موضع البحث، مع ظهور دخول هذه الصورة تحت اطلاق موثقة عمار المتقدمة كما عرفت. وكيف كان فحيث كانت المسألة غير خالية من شوب الاشكال لما ذكر من تعدد الاحتمال وإن كان ما ذكرنا هو الأقرب في هذا المجال فالاحتياط فيها مطلوب على كل حال. والله العالم.
(الثالثة) - أن يتبين الانحراف بعد الفراغ من الصلاة وكان الانحراف في ما بين اليمين واليسار، ولا خلاف في صحة الصلاة في الصورة المذكورة ونقل الفاضلان اجماع أهل العلم على ذلك.
ويدل عليه صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال:
" قلت الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى أنه انحرف عن القبلة يمينا وشمالا؟ فقال قد مضت صلاته وما بين المشرق والمغرب قبلة ".
وروى في كتاب قرب الإسناد عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن الصادق عن أبيه (عليهما السلام) (2) " أن عليا (عليه السلام) كأن يقول من صلى على غير القبلة وهو يرى أنه على القبلة ثم عرف بعد ذلك فلا إعادة عليه إذا كان في ما بين المشرق والمغرب ".
ويعضده أيضا ما تقدم من صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (3) قال:
" لا صلاة إلا إلى القبلة: قال قلت أين حد القبلة؟ قال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله ".