الاستحباب وما وقع له في هذا المقام وقع مثله في الفقه الرضوي أيضا حيث قال:
(عليه السلام) أولا: " واعلم أن غسل الجمعة سنة واجبة لا تدعه في السفر ولا في الحضر " ثم قال (عليه السلام) في الكلام المتقدم نفله قريبا " وإنما سن الغسل يوم الجمعة تتميما لما يلحق الطهور في سائر الأيام من النقصان ".
وأما ما ذكره شيخنا المشار إليه آنفا - من حمل أخبار الاستحباب على التقية لأنه مذهب أكثر الجمهور - (1) ففيه أن الحمل على التقية فرع تعارض الأخبار صريحا والأخبار هنا - كما عرفت مما حققناه في الأخبار التي هي مناط الاستدلال من الطرفين - متشابهة لما ذكره من معنى الوجوب والسنة وأنه لا يمكن الحمل على معنى مخصوص بل الأخبار المذكورة قابلة للانطباق على كل من القولين، ولو كان الوجوب ظاهرا في المعنى المصطلح والسنة ظاهرة في معنى الاستحباب لأمكن الحمل على التقية لظهور التقابل بين المعنيين وعدم إمكان حمل أحدهما على الآخر لكن الأمر ليس كذلك لما عرفت، فالواجب حينئذ - كما قدمنا ذكره - هو اغماض النظر عن هذه الأخبار وعدم الاستدلال بها في البين والنظر في تحصيل دليل آخر، وقد عرفت بما ذكرناه من الوجوه المتقدمة أن الظاهر هو الاستحباب، وحينئذ فيجب حمل تلك الأخبار المتشابهة عليه وكذا حمل ما ورد بالأمر بالغسل. ويؤيده زيادة على ما قدمناه شهرة القول به بل ادعى الاجماع عليه في الخلاف، وقد عرفت أن الخلاف في هذه المسألة غير واضح لما قدمنا ذكره.
وكيف كان فإنه وإن كان الظاهر هو الاستحباب إلا أن الاحتياط في الدين والخروج من العهدة بيقين الموجب للدخول في زمرة المتقين يقتضي المحافظة على الاتيان به وعدم التهاون به، لما في جملة من الأخبار من مزيد التأكيد فيه على وجه يكاد أن يلحقه بالواجبات كما في جملة من السنن المؤكدة، فمنها - ما يدل على إعادة الصلاة في