(ويجب الإقامة مع انتفاء الضرر) كفاية أو عينا (على كل متحمل وإن لم يستدعه المشهود عليه أو المشهود له للشهادة) أي لتحملها (بل سمعها اتفاقا) لعموم أدلة العقل والنقل لذلك، ولأنها أمانة عنده فعليه الأداء وإن لم يستأمن فيها، كما إذا طيرت الريح الثوب إلى داره.
وخيره الحلبي (1) وأبو علي (2) حينئذ بين الإقامة وتركها، لقول الباقر (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم: إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها إن شاء شهد وإن شاء سكت (3). وخبره أيضا أنه سأله (عليه السلام) عن الرجل يحضر حساب رجلين فيطلبان منه الشهادة على ما سمع منهما، قال ذلك إليه إن شاء شهد وإن شاء لم يشهد، فإن شهد شهد بحق قد سمعه، وإن لم يشهد فلا شيء عليه، لأنهما لم يشهدا (4). وقول الصادق (عليه السلام) في حسن هشام بن سالم: إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار إن شاء شهد وإن شاء سكت، قال (عليه السلام) وإذا اشهد لم يكن له إلا أن يشهد (5) ولأنه لم يؤخذ منه التزام والأصل البراءة.
وأنت خبير بمعارضة الأصل بالعقل والنقل وأنهما لا يفرقان بين أخذ الالتزام وعدمه، والأخبار تحتمل نفي الوجوب العيني، لوجود ما ثبت به الحق من الشهود غيره، كما أشار إليه الشيخ في النهاية فقال: ومن علم شيئا من الأشياء ولم يكن قد اشهد عليه ثم دعي إلى أن يشهد كان بالخيار في إقامتها وفي الامتناع منها، اللهم إلا أن يعلم أنه إن لم يقمها بطل حق مؤمن، فحينئذ يجب عليه إقامة الشهادة (6).
ونحوه ابن سعيد في الجامع (7).
فقولهما (عليهما السلام): " ولم يشهد عليها " بمعنى أنه لم يشهد عليها للاكتفاء عنه بغيره،