وقال المصنف وفاقا لبني إدريس (1) وحمزة (2) وسعيد (3): حد التوبة إكذاب نفسه إن كان كاذبا، (وإن كان صادقا اعترف بالخطأ في الملأ) الذين قذف عندهم، فإنه مع الصدق فيما قاله يكذب إن قال: " كذبت فيما نسبته إلى فلان " ولا ينافيه الأخبار وإطلاق من وافقها من الأصحاب، فإن الصادق ليس بقاذف حقيقة.
وفي التحرير نفى البعد عن الإكذاب مطلقا قال: لأنه تعالى سمى القاذف كاذبا إذا لم يأت بأربعة شهداء على الإطلاق لأنه كذب في حكم الله وإن كان صادقا (4).
وفي الخلاف من شرط التوبة من القذف، أن يكذب نفسه حتى يصح قبول شهادته فيما بعد، بلا خلاف بيننا وبين أصحاب الشافعي، إلا أنهم اختلفوا، فقال أبو إسحاق وهو الصحيح عندهم: أن يقول القذف باطل ولا أعود إلى ما قلت.
وقال الإصطخري: التوبة إكذابه نفسه، هكذا قال الشافعي، وحقيقة ذلك أن يقول:
كذبت فيما قلت. قال أبو حامد: وليس بشيء. وهذا هو الذي يقتضيه مذهبنا لأنه لا خلاف بين الفرقة أن من شرط ذلك أن يكذب نفسه، وحقيقة الإكذاب أن يقول:
كذبت فيما قلت. كيف وهم رووا أيضا أنه يحتاج أن يكون إكذاب نفسه في الملأ الذين قذف بينهم وفي موضعه، فثبت ما قلناه. والذي قاله المروزي قوي، لأنه إذا أكذب نفسه ربما كان صادقا في الأول فيما بينه وبين الله، فيكون هذا الإكذاب كذبا، وهو قبيح (5) انتهى. وهو نوع تردد.
وفي المبسوط: أن القذف إن كان قذف سب فالتوبة إكذابه نفسه، لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: " وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا " قال النبي (صلى الله عليه وآله): توبته إكذابه نفسه، فإذا تاب قبلت شهادته. فإذا ثبت أن التوبة إكذابه نفسه، فاختلفوا في كيفيته، قال قوم: أن يقول: القذف باطل حرام ولا