وكان أخي أفضل الدين رحمه الله يقول: رأيت أن القيامة قد قامت وخفت ميزاني فلا تسأل ما حصل لي من الغم.
قلت ورأيت أنا مرة أن الصراط قد نصب، والخلق يصعدون ويزلقون ويقعون من مقدار قامة وأنا واقف فجاءني ملك من الملائكة، فقال: لي مالك لا تصعد؟ فقلت:
لا أطيق فقال: لي يكون معك شئ من الدنيا، فقلت: ما معي شئ ففتح كفي اليسار فأخرج من بين أصابعي نحو السفاية؟؟، فقال: ارمها وأنت تصعد فرميتها فصعدت:
* (فالحمد لله رب العالمين) *.
وصلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
ولنشرع بعون الله تعالى في قسم المناهي وهي أقل من المأمورات، لأن الأصل في الوجود الطاعة اللهم إلا أن يجعل الأمر بالشئ نهي عن ضده فتكون بذلك أكثر من المأمورات: إذا علمت فنقول وبالله التوفيق.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتدين بفعل شئ من البدع المذمومة التي لا يشهد لها ظاهر كتاب ولا سنة، وأن نتجنب العمل بكل رأي لم يظهر لنا وجه موافقته للكتاب والسنة إلا إن أجمع عليه.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى التبحر في معرفة الأحاديث والآثار والإحاطة بجميع أدلة المذاهب المندرسة أو المستعملة، حتى لا يكاد يعزب عن علمه من أدلتهم إلا النادر، ولعله يخرج عن التقليد في أكثر الأحكام، وأما من لم يبلغ هذا المقام فيجب عليه التقليد لمذهب معين وإلا وقع في الضلال.
وقد كان سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى يعرف من طريق كشفه كل مسألة لها دليل من كلام الشارع، ويتحول لا يبلغ الرجل عندنا مقام الكمال حتى يعرف يقينا ما كان من كلام الشارع وما كان من كلام الصحابة وما كان من القياس وما كان رأيا خارجا عن موافقة ما ذكرناه قال: ومثل هذا الرأي هو الذي يرمي به وليس لأحد أن يعمل به قال فكل من لم يبلغ مرتبة التبحر في علوم الشريعة ومعرفة أدلة المذاهب فمن لازمه الوقوع في التدين بالآراء التي لا يكاد يشهد لها كتاب ولا سنة.
فتبحر يا أخي في علوم الشريعة وأعط الجد من نفسك في المطالعة والحفظ لأحاديث الشريعة وكتب شراحها وحفظ مقالاتهم، حتى تكون عارفا بجميع المذاهب، لأنها بعينها