هي مجموع الشريعة المطهرة، وربما تدين مقلد في مذهب بقول إمامه من طريق الرأي فصحت الأحاديث في مذهب آخر بضد ذلك الرأي، فوقف مع مذهبه ففاته العمل بالأحاديث الصحيحة فأخطأ طريق السنة، قال وقول بعض المقلدين لولا أن رأى إمامي دليلا ما قال به جحود وقصور مع أن نفس إمامه قد تبرأ من العمل بالرأي ونهى غيره عن اتباعه عليه.
وكان أخي أفضل الدين يقول: محل العمل برأي الإمام الذي لا يعرف لقوله مستند ما إذا لم نطلع على دليل يخالفه فهناك ينبغي لنا إحسان الظن بقوله ونقول لولا أنه رأى لقوله دليلا ما قاله أما إذا اطلعنا على دليل فلنا تقديم العمل به على كلام المجتهد إذا كان مثلنا من أهل النظر الصحيح، ويحمل كلام ذلك الإمام على أنه لم يظفر بذلك الدليل ولو ظفر به لعمل به.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: يحتاج من يريد التقيد على العمل بالكتاب والسنة ويجتنب العمل بالرأي إلى التبحر في علم العربية وعلم المعاني والبيان والنحو في لغة العرب حتى يعرف مواطن طرق الاستنباط، ويعرف أقوال العرب ومجازاتها واستعاراتها ويعرف ما يقبل التأويل من الأدلة وما لا يقبلها.
قلت وقد من الله تعالى علي بالاطلاع على أدلة مذاهب الأئمة الأربعة وغيرها وعرفت مستند أقوالهم في جميع أبواب الفقه فما من قول من أقوالهم إلا ورأيته مستندا إلى دليل إما إلى آية وإما إلى حديث وإما إلى أثر وإما إلى قياس صحيح على أصل صحيح وصارت مذاهب الأئمة الأربعة بحمد الله الآن عندي كأنها منسوجة من الشريعة المطهرة سداها ولحمتها، كما يعرف ذلك من طالع كتابي مختصر السنن الكبرى للإمام البيهقي رحمه الله، وكل من لم يطلع على أدلة المذاهب كما ذكرنا فلا يعرف يميز مسائل الرأي من النص، وربما وقع في العقائد الزائغة وعمل بالمذاهب الباطلة إلا أن يحكم التقيد بمذهب محرر.
وقد كان الإمام أبو قاسم الجنيد رحمه الله يقول: لا يكمل الرجل عندنا في طريق الله عز وجل حتى يكون إماما في الفقه والحديث والتصوف، ويحقق هذه العلوم على أهلها.
فاعلم أنه لا ينبغي لمن يدعي العلم بالشريعة أن يكتفي بما فهمه هو منها بغير شيخ كما وقع