فقال: يا ولدي قد طلب الحق تعالى منا في المسجد آدابا لم يطلبها منا خارجه وانظر إلى نهيه صلى الله عليه وسلم الجالس في المسجد عن تشبيك الأصابع وعن تقليب الحصى ونحو ذلك تعرف ما قلناه، فإن الشارع صلى الله عليه وسلم لم ينهنا عن ذلك في غير المسجد.
ورأي رضي الله عنه مرة شخصا من الفقراء يمشي بتاسومة طاهرة في صحن المسجد فزجره ونهاه عن ذلك، وقال تورع في اللقمة أحوط لك.
وقام له شخص مرة في المسجد فزجره زجرا شديدا وقال: " " إن العبد إذا عظم في حضرة الله تعالى ذاب كما يذوب الرصاص حياء من الله تعالى أن يشاركه في صورة التعظيم والكبرياء " ". وكان إذا جاء إلى المسجد لا يتجرأ أن يدخل وحده، بل يصبر على الباب حتى يأتي أحد فيدخل وراءه تبعا له ويقول: " " المسجد حضرة الله تعالى ولا يبدأ بالجلوس بين يدي الله تعالى قبل الناس إلا المقربون الذين لا خطيئة عليهم، ولا تدنست جوارحهم قط بمعصية أو وقعوا وتابوا منها توبة نصوحا، كالأولياء الذين سبقت لهم العناية الربانية بالولاية الكبرى في عدم العدم، وعلموا بالكشف الصحيح أن الله تعالى قبل توبتهم وبدل سيئاتهم حسنات، بحيث لم يبق عندهم سيئة يستحضرونها، ومتى استحضروها فليعلموا أن توبتهم معلولة لكونها لم تبدل سيئاتهم حسنات، إذ لو بدلت لم يبق لها صورة في الوجود ولا في ذهنهم ولا في الخارج. قال: " " ولست أنا من أحد هذين الرجلين فما لي وللدخول قبل الناس.
* (والله غفور رحيم) *.
روى أبو داود عن مكحول مرسلا قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال بأبواب المساجد. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نسبغ الوضوء صيفا وشتاء امتثالا لأمر الله، واغتناما للأجر الوارد في ذلك في الشتاء، ولأنه ربما استلذت الأعضاء بالماء البارد في الصيف فيبالغ المتوضئ في الإسباغ لحظ نفسه، فينبغي أن يتنبه المتوضئ لمثل ذلك ويسبغ امتثالا للأمر لا لاستلذاذ الأعضاء بالماء، وهذا سر أمر الشارع لنا بالوضوء ليقول العبد لنفسه إذا استلذ بالماء في الصيف وادعت أنها مخلصة في ذلك إنما هذا لحظ نفسك بدليل نفرتك من إسباغ الوضوء في الشتاء، فلو كان إسباغك