وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم فيه فإن أجره لك ووباله على من قاله " ".
وفي رواية للنسائي مرفوعا: " " لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تهب وصلة الحبل، ولو أن تونس الوحشان بنفسك.
وروى الشيخان مرفوعا: " " الكلمة الطيبة صدقة " ".
وروى الطبراني والحاكم مرفوعا: " " موجب الجنة إطعام الطعام وإفشاء السلام وحسن الكلام " ".
والأحاديث في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نفشي السلام بيننا على العدو والصديق من المسلمين بل العدو أولى بالسلام، وكان من يسلم يقول لعدوه أنت في أمان مني أن أؤذيك أو أسعى في ضررك، ومعنى السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنت يا رسول الله في أمان مني أن أخالف شرعك، فكان المسلم عليه يقر عينه صلى الله عليه وسلم بذلك، وإلا فالأكابر من الناس كالسلطان آمنون من شر الأصاغر فليفهم.
اعلم أن الأكابر لا يهجرون أحدا إلا لمصلحة فهم يتركون السلام عليه تقبيحا لصنيعه وهم في الباطن يحبونه محبة أهل الإسلام لبعضهم بعضا، فحكمهم كالطفل مع والدته تخوفه بالبعوة والقطربة ليرجع عن الفعل الردئ خوفا أن يتربى عليه وهي راحمة له في الباطن محبة له، وربما نخسته بالإبرة في يده حتى يخرج دمه، فإياك أن تظن بهم أنهم تركوا السلام أو البشاشة لإنسان لحظ نفوسهم.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: إذا مررت على عدوك فسلم عليه واجهر له بالسلام، بحيث تصدع قلبه إن كنت تعلم من دينه أن يغلب نفسه ويرد عليك السلام، وإلا فترك السلام عليه أولى لئلا توقعه في معصية بترك الرد الذي هو واجب، وهو منزع دقيق فليتأمل.
وسمعته مرة أخرى يقول: البداءة بالسلام سنة، وهي أكثر ثوابا من الرد، وإن كان واجبا، لا سيما بين المتشاحنين، فإن المبادرة لزوال الشحناء واجبة، والسلام طريق