روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم مرفوعا:
" " من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر فهو منافق " ".
والأحاديث في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نجمع من الذهب والفضة قط نصابا إلا إن كنا نثق من أنفسنا بأنا نخرج زكاتها وهي مخلصة منشرحة لها، فإن لم نثق من أنفسنا أننا نخرجها كذلك اقتصرنا في الجمع على ما دون النصاب.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد على وجهه إلى السلوك الكامل على يد شيخ مرشد صادق وإلا فلا يشم من العمل به رائحة بل يجمع ويمنع، وإن أخرج شيئا فهو لعلة فادحة في قبولها.
فاسلك يا أخي على يد شيخ حتى يفطمك عن محبة الدنيا يعني عن الميل إليها، إذ الدنيا لا تبغض لذاتها، وإنما المطلوب الزهد في الميل إليها لا في ذاتها إذ لو كان الزهد مطلوبا في ذاتها لما جاز لأحد إمساكها ولا قائل بذلك، فإن المحذور إنما هو في إمساكها محبة لذاتها إذ هو الذي يتفرع منه الحجاب والشح والبخل فيمنع العبد من إخراج زكاته، وقد غلط في هذا الأمر قوم فتركوا جمع الدنيا أصلا ورأسا فاحتاجوا إلى سؤال الناس تعريضا وتصريحا ولو أنهم كانوا سلكوا على يد الأشياخ حتى فطموهم عن الميل إليها لجمعوا القناطير من الذهب وأنفقوها على المساكين وحصل لهم خير الدنيا والآخرة.
وقد حكى أن فقيرا دخل زاوية سيدي إبراهيم المتبولي فجلس للعبادة ليلا ونهارا وترك الكسب، وكان الشيخ لا يحب للفقير عدم التكسب، فقال له يا ولدي لم لا تحترف وتقوم بنفسك وتستغني عن حمل الناس لك الطعام، فقال يا سيدي لما دخلت زاويتكم رأيت في تلك الطاقة بومة عمياء لا تطيق أن تسعى مثل ما يسعى الطيور، ورأيت صقرا يأتيها كل يوم بقطعة لحم يرميها لها في طاقتها، فقلت أنا أولى بالتوكل على الله من هذه البومة، فقال له سيدي إبراهيم ولم تجعل نفسك بومة عمياء؟ هلا جعلتها صقرا تأكل وتطعم البومة؟ فقال الفقير التوبة وخرج للكسب.
فيحتاج الفقير إلى حال صادق يرمى به الدنيا وحال صادق يأخذها بعد ذلك به.
* (والله غفور رحيم) *.