(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتهاون بعدم تلاوة القرآن في كل يوم ولو خمسة أحزاب خوفا من نسيانه، وهذا العهد يقع في خيانته كثير من طلبة العلم ومتصوفة الزمان فيشتغلون بالعلم وقراءة الأوراد ويهجرون تلاوة القرآن حتى يمتنع حفظهم له وربما نسوه ويزعمون أن ما هم فيه أفضل.
فعلم أنه يجب تعاهد القرآن وقراءته بالتدبر لأنه قوت القلوب. وقياس القرآن أنه يجب تعاهد كتب الفقه الشرعية وآلاتها كل قليل إذا كان تقدم للعبد حفظها عن ظهر قلب خوفا أن تنسى إذ هي كأنها تفسير للكتاب والسنة، وتبيين لما أبهم وأجمل فيهما، وإن لم يلحق في التعظيم بالقرآن.
وقد وقع لسيدي الشيخ أبي المواهب الشاذلي أنه اشتغل بالأوراد وهجر القرآن فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاتبه في ذلك وقال تترك تلاوة كتاب الله لأجل وريداتك فكان الشيخ أبو المواهب بعد ذلك يقرأ كل يوم خمسة أحزاب بتدبر إلى أن مات. والله تعالى أعلم.
روى الترمذي والحاكم: " " إن الذي ليس في جوفه شئ من القرآن كالبيت الخراب " ".
وروى أبو داود والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة مرفوعا:
" " عرضت على أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد. وعرضت على ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها " ".
وروى أبو داود مرفوعا: " " ما من امرء يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله أجذم " ".
قال الخطابي والأجذم هو المقطوع اليد ومعناه أنه يلقى الله خالي اليدين من الخير كني باليد عما تحويه اليد، وقال بعضهم معناه لا حجة له. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نغفل عن الإكثار من ذكر الله عز وجل ليلا ونهارا سرا وجهرا إجلالا لله تعالى وعبودية له.
والمراد بذكر الله تعالى شهودنا ليلا ونهارا أننا بين يديه وهو يرانا ويرى أفعالنا وأقوالنا وخواطرنا.