(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نقوم ليلة النصف من شعبان، ونصوم نهارها ونستعد لها بالجوع الشاق وقلة الكلام والصمت، فإن من يشبع ليلتها وأكثر اللغو من الكلام والغفلة عن الله تعالى لا يذوق لما فيها من الخيرات طعما، ولو سهر فهو كالجماد الذي لا يحس شيئا، وما حث الشارع العبد على الاستعداد لحضور المواكب الإلهية إلا ليشعر بما يمنحه في تلك المواكب ويتلقى ما يخصه من الامداد بالأدب ومن لا يشعر بذلك فإنه خير كبير، فعلم أنه يجب على كل مؤمن أن يتوب من جميع ما ورد في الحديث أنه يمنع حصول المغفرة لصاحبة ليلة النصف من شعبان قبل دخول ليلة النصف كالمشاحن بغير عذر شرعي، وكأخذ العشور من المكس وكالعقوق للوالدين ونحو ذلك، فيجب السعي في إزالة ما عندنا من الشحناء وما عند غيرنا منها في حقنا ولو بإرسال كلام طيب أو مدح بين الأقران ونحو ذلك، كإهداء هدية وبذل مال لننال الرحمة والمغفرة من الله تعالى في تلك الليلة ولا نتهاون بالمبادرة في إزالة الشحناء إلى ليلة النصف، فربما يتعسر علينا إزالة ما عندنا أو عند المشاحن لنا من الحقد الكمين، فتفوتنا المغفرة تلك الليلة.
وبالجملة فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ ليخرجه من محبة الدنيا وأغراضها ومناصبها، وطلب المقام عند أهلها، ومن لم يسلك كذلك فمن لازمه غالبا الشحناء بواسطة الدنيا إما لكونه يحوف على الناس أو هم يحوفون عليه، ولذلك قل العاملون بهذا العهد حتى من العلماء ومشايخ الزوايا فتراهم تدخل عليهم ليلة النصف من شعبان وأحدهم مشاحن أخاه ولا يبالي بما يفوته من المغفرة العظيمة.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: يجب على قاطع الرحم المبادرة قبل ليلة النصف من شعبان إلى زوال القطيعة، وكذلك الحكم في جميع ما ورد فيه التجلي الإلهي كالثلث الأخير من الليل في جميع ليالي السنة، فيجب عليه أن يتوب من جميع الذنوب وإلا لم يكن من أهل دخول حضرة الله عز وجل ولو وقف يصلي فصلاته لا روح فيها.
وسمعت سيدي محمد بن عنان رحمه الله يقول: تجب المبادرة على قاطع الرحم إلى صلة الرحم ولا يؤخر الصلة حتى تدخل ليلة النصف، فربما يتعسر صلتها تلك الليلة،