(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على الأذان لكل صلاة ولو سمعنا المؤذن وإن احتاج الناس إلى الأذان برفع الصوت أذنا لهم، وليس لنا أن نتعلل بالحياء لأن الحياء في مثل ذلك حياء طبيعي نفسي وليس في فعل المأمورات الشرعية حياء، وإنما الحياء المطلوب أن يترك العبد ما نهاه الله عنه فافهم، وهذا العهد يخل به كثير من الناس أصحاب الطبع اليابس، فيقول له العامة أذن لنا يا سيدي الشيخ فيقول أستحي، وهذا ليس بعذر، فإن كان يا أخي ولا بد لك من الحياء فاستح من الله أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك فهذا هو الحياء الشرعي الذي يثاب عليه العبد.
وكان من آخر من رأيته مواظبا على هذه السنة الشريفة مولانا شيخ الإسلام الشيخ نور الدين الطرابلسي الحنفي ورفيقه السيد الشريف الحطابي والشيخ محمد بن عنان والشيخ أبو بكر الحديدي، والشيخ محمد بن داود وولده الشيخ شهاب الدين، والشيخ يوسف الحريثي رضي الله عنهم أجمعين فاعلم ذلك والله يتولى هداك.
روى الشيخان مرفوعا:
لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا.
أي اقترعوا، وفي رواية للإمام أحمد مرفوعا:
لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف.
وروى مالك والبخاري والنسائي وابن ماجة أن أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال لعبد الرحمن بن أبي صعصعة:
إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة.
قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي سمعت ما قلته لك بخطاب لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفظ ابن خزيمة في صحيحه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يسمع صوته أي المؤذن شجر ولا مدر ولا حجر، ولا جن ولا إنس إلا شهد له.