وتأمل بيوت الحكام تجدها لا بد لك فيها من الواسطة الذي له قرب عند الحكام وإدلال عليه ليمشي لك في قضاء حاجتك، ولو أنك طلبت الوصول إليه بلا واسطة لم تصل إلى ذلك. وإيضاح ذلك أن من كان قريبا من الملك فهو أعرف بالألفاظ التي يخاطب بها الملك وأعرف بوقت قضاء الحوائج، ففي سؤالنا للوسائط سلوك للأدب معهم، وسرعة لقضاء حوائجنا ومن أين لأمثالنا أن يعرف أدب خطاب الله عز وجل.
وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: إذا سألتم الله حاجة فاسألوه بمحمد صلى الله عليه وسلم وقولوا اللهم إنا نسألك بحق محمد أن تفعل لنا كذا وكذا، فإن لله ملكا يبلغ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له: إن فلانا سأل الله تعالى بحقك في حاجة كذا وكذا فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه في قضاء تلك الحاجة فيجاب، لأن دعاءه صلى الله عليه وسلم لا يرد، قال: وكذلك القول في سؤالكم الله تعالى بأوليائه، فإن الملك يبلغهم فيشفعون له في قضاء تلك الحاجة * (والله عليم حكيم) *.
روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما:
" " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا دخل المسجد فصلى ثم قال:
اللهم اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصل علي ثم ادعه، قال فضالة بن عبيد:
ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أيها المصلي ادع الله تجب " ".
والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نؤخر الدعاء بحوائجنا المهمة إلى الأوقات التي أخبر الحق تعالى أنه لا يرد فيها الدعاء كحال السجود بين الأذان والإقامة، وأوقات التجلي الإلهي في الثلث الأخير من الليل لاستدعائه تعالى منا الدعاء فيها، وما طلب ذلك منا إلا وقد أراد إجابتنا وقضاء حوائجنا، فله الفضل وله الثناء الحسن الجميل، ولكن يحتاج الداعي أن يكون متلبسا بآداب الدعاء، ويتحفظ جهده من أن يدعو الله تعالى في حصول شئ إلا بعد تفويض ذلك الأمر إليه، فربما سأل العبد شيئا