رضي الله عنه أنه كان يقول: لا يكمل الرجل عندنا حتى يعلم حكمة كل حرف تكرر في القرآن، ويخرج منه سائر الأحكام الشرعية إذا شاء.
وسمعته رضي الله عنه يقول: لا يبلغ العبد مقام الكمال حتى يكون إماما في التفسير والفقه والحديث، ويسلك الطريق على يد شيخ عارف بالله تعالى حتى يصير يعرف الطريق بالذوق لا بالوصف والسماع، وهناك يدخل الحضرات المحمدية ويعرف أحكام الشريعة المطهرة، ويميزها من سائر البدع لأن الكامل من شرطه أن لا يكون له حركة ولا سكون في ليل أو نهار إلا على الميزان الشرعي.
وسمعته يقول أيضا: من شرط الكامل الاطلاع من طريق كشفه على جميع أقوال المجتهدين، ويميز الرأي من قولهم ويعرف ما وافق الصواب في نفس الأمر من أقوالهم وما خالفه.
وسمعته أيضا يقول: كان الأشياخ المتقدمون يقولون: لا يجوز لعبد أن يتصدر للطريق إلا إن علم من نفسه التقيد على الكتاب والسنة، ويكون ظاهره محفوظا من سائر البدع، وذلك لئلا يقع في شئ من البدع فيتبعه المريدون عليه فيضل في نفسه ويضل غيره، ويكتب من أئمة الضلال وقد بسطنا الكلام على ذم الرأي في أوائل كتابنا مختصر السنن الكبرى للبيهقي رحمه الله فراجعه.
وسمعت سيدي عليا النبتيتي رضي الله عنه يقول لفقيه: إياك يا ولدي أن تعمل برأي رأيته مخالفا لما صح في الأحاديث، وتقول هذا مذهب إمامي، فإن الأئمة كلهم قد تبرؤا من أقوالهم إذا خالفت صريح السنة، وأنت مقلد لأحدهم بلا شك، فما لك لا تقلدهم في هذا القول وتعمل بالدليل كما تقول بقول إمامك الاحتمال، أن يكون له دليل لم تطلع أنت عليه، وذلك حتى لا تعطل العمل بواحد منهما.
ثم إن المراد بالرأي المذموم حيث أطلق في كلام أهل السنة أن لا يوافق قواعد الشريعة المطهرة وليس المراد به كل ما زاد على صريح السنة مطلقا، حتى يشمل ما شهدت له قواعد الشريعة وأدلتها، فإن ذلك لا يقول به عاقل ويلزم منه رد جميع أقوال المجتهدين التي لم تصرح بها الشريعة ولا قائل بذلك.
روى الإمام البيهقي في باب القضاء من السنن الكبرى أن الرأي المذموم حيث أطلق فهو كل ما لا يكون مشبها بأصل قال وعلى ذلك يحمل كل ما ورد في ذم الرأي