وفي رواية: أنه أتى برجل ليصلي عليه فإذا عليه دين فقال: صلوا على صاحبكم، فقالوا يا رسول الله صلى عليه، قال: فما ينفعكم أن أصلي على رجل روحه مرتهنة في قبره لا تصعد إلى السماء، فلو أن رجلا ضمن دينه قمت فصليت عليه فإن صلاتي تنفعه.
قال الحافظ المنذري: وهذا منسوخ بحديث مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم لما فتح الله عليه الفتوح صلى على من عليه دين وقال:
أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه.
والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نرجع في جميع مهماتنا وشدائدنا في الدنيا والآخرة إلى الله تعالى، وندعو ربنا بما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه عند الكرب، وأمر به أمته، ولا نخترع دعاء من عند أنفسنا ما أمكن، وينبغي لنا أن نعتقد إجابة دعائنا، ويكره أن نظن عدم الإجابة خوفا أن لا يجيب دعاءنا، فإن الله تعالى عند ظن عبده به.
وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: إذ ظن أحدكم أن الله تعالى لا يستجيب دعاءه لكثرة عصيانه مثلا فليسأل غيره أن يدعو له، لكن إن كانت الحاجة مما فيه رائحة التبسيط في الدنيا فلا يسأل فيها من خرق ببصره إلى شهود الدار الآخرة من الصالحين، فإنه ربما رأى عدم قضاء تلك الحاجة أولى لما في تركها من الثواب والدرجات، وليسأل في ذلك من لم يخرق بصره إلى الدار الآخرة فإنه أكثر توجها إلى الله في قضائها إذ العارف ليس له همة تجلب شيئا من شهوات الدنيا بل يرى لله الفضل في حرمانه منها اه. وهو كلام نفيس، وقد ذقت ذلك من نفسي فربما يسألني أحد في حاجته فأعلم أن له في تركها الأجر العظيم، فاسأل الله له عدم قضائها لأن الخلق عند العارفين كالأطفال لا يجابون إلى كل ما سألوا، وينبغي لكل داع أن يدعو بما ورد لا كما عليه الإمام البوني وأضرابه، فإن كلام النبوة أفصح وأكثر أدبا، فإذا دعونا بدعائه صلى الله عليه وسلم الذي فعله أو أمرنا به كان أقرب إلى الإجابة، وما أمرنا صلى الله عليه وسلم أن ندعو بشئ أو بحصول شئ