وروى ابن أبي الدنيا وغيره مرفوعا بإسناد لا بأس به:
" " من لم يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لا يشكر الله والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر " ".
وروى أبو داود والنسائي واللفظ له: قال المهاجرون يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله؟ ما رأينا قوما أحسن بذلا للكثير، ولا مواساة في القليل منهم، ولقد كفونا المؤونة، قال أليس تثنون عليهم به وتدعون لهم؟ قالوا بلى، قال: فذاك بذاك. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن يكون معظم محبتنا للصوم من حيث كون الله تعالى قال * (الصوم لي) *، لا من حيثية أخرى كطلب ثواب أو تكفير خطيئة ونحو ذلك، فإن من عمل لله تعالى كفاه هم الدنيا والآخرة وأعطاه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فضلا عن الثواب وتكفيرا الخطايا، وغيرهما من الأغراض النفسانية في الدنيا والآخرة، ولم يبلغنا عن الله تعالى أنه قال في شئ من العبادات إنه له خالصا إلا الصوم، فلولا مزيد خصوصية ما أضافه إليه.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: معنى قوله تعالى * (الصوم لي) * يعني من حيث إنه صفة صمدانية ليس فيه أكل ولا شرب ولذلك أمر الصائم أن لا يرفث ولا يفسق، ولا يقول الهجر من الكلام أدبا مع الصفة الصمدانية التي تلبس بنظير اسمها.
وقال سفيان بن عيينة في معنى قوله تعالى:
* (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) *.
قال: إذا كان يوم القيامة يحاسب الله تعالى عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله، حتى لا يبقى إلا الصوم فيحمل الله تعالى ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة وهو كلام غريب.
ومن فوائد الصوم أن يسد مجاري الشيطان من بدن الصائم ويصير عليه كالجنة فلا يجد الشيطان من بدنه مسلكا يدخل إلى قلبه منه من العام إلى العام، ومن الاثنين إلى الخميس