(أخذ علينا العهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نجلس بين اثنين إلا إن علمنا ولو بالقرائن رضاهما بذلك لا سيما إن رأيناهما يتحدثان ويتسارران فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى حذق وفراسة والله تعالى أعلم.
روى أبو داود والترمذي مرفوعا: " " لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما " ".
وفي رواية لأبي داود: " " لا تجلس بين رجلين إلا بإذنهما " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نجلس على الطرقات سواء كنا على باب مسجد أو طاقات بيت أو شباك مسجد أو غير ذلك إلا لضرورة شرعية، وهذا العهد يقع في خيانته كثير من الناس اليوم ممن ليس لهم همة بحرفة ولا اشتغال بعلم ولا عبادة، فيجلسون في الحوانيت وأبواب المساجد ولا يغضون أبصارهم ولا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر، وربما استغابوا من مر عليهم من العلماء والعمال والمباشرين والمحترفين والظلمة والمكاسين والصالحين، فلا يقومون من باب الجامع إلا وقد اجتمع عليهم عدة آثام، ولو أنهم لم يجلسوا في هذه الأماكن لما كان عليهم من ذلك إثم واحد * (والله غفور رحيم) *.
وكان الشيخ محمد الغمري وولده الشيخ أبو العباس وشيخي الشيخ أمين الدين بن النجار رضي الله عنهم يخرجون من المجاورين من رأوه يجلس على باب المسجد من غير حاجة ويقولون له أنت جئت عندنا تقرأ القرآن وتتعلم العلم والأدب وإلا جئت تتفرج على الناس في السوق، اذهب من مكاننا إلى مكان آخر.
وكان الشيخ أمين الدين رحمه الله يزجر كل الزجر كل من رآه جالسا على باب مسجد أو باب حانوت ويقول: إنما بنيت المساجد للصلاة ولذكر الله تعالى والجلوس بين يدي الله عز وجل، فمن لم يقدر على الجلوس بين يدي الله عز وجل في بيته فليذهب إلى السوق.
* (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) *.
روى الشيخان مرفوعا: " " إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر