ونحو ذلك، فمن راض نفسه كما ذكرنا قل غضبه على زوجته وصاحبه وصار لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله عز وجل لا غير، وقد درجت الأئمة وجميع مشايخ الصوفية على العمل على عدم الغضب جهدهم، فإن الغضب بئس الصفة، لا سيما في حق من كثر دعائه إلى الله تعالى فإن حكم غضبه على تلامذته حكم غضب راعي الغنم إذا غضب على غنمه من شدة شتاتهم وتركهم في البرية للذئب والسبع بعد أن كان تعب فيهم من حين كانوا يرضعون اللبن، وذلك معدود بيقين من سخافة العقل.
فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح يخرجك عن رعونات النفوس ويلطف كثائفك حتى تكاد تلحق بالملائكة، لتصير تتحمل من رعيتك جميع الصفات المخالفة لأغراضك ولا تتأثر والله يتولى هداك.
وقد روى البخاري: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني. قال:
لا تغضب. فردد مرارا، قال: لا تغضب.
روى الإمام أحمد عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فكرت في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغضب ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله.
وروى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه: أن ابن عمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يباعدني من غضب الله عز وجل قال لا تغضب.
وروى الترمذي مرفوعا: " " إن بني آدم خلقوا على طبقات، ألا وإن منهم البطئ الغضب سريع الفئ، ومنهم سريع الغضب سريع الفئ فتلك بتلك، ألا وإن منهم سريع الغضب بطئ الفئ، ألا وخيرهم بطئ الغضب سريع الرجوع وشرهم سريع الغضب بطئ الرجوع " ".
وروى البخاري تعليقا: من صبر عند غضبه وعفا عند الإساءة عصمه الله وخضع له عدوه.
وروى الطبراني مرفوعا: " " من دفع غضبه دفع الله عنه عذابه " ". والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نشاجر أحدا من المسلمين ولا نهجره ولا ندابره إلا بوجه شرعي.