تعالى لا يوصف بنقص ما ولا بد لمنقار العصفور من بلل يكون عليه فافهم، فلو جعلنا المراد بعلم الله القائم بالذات لما صح وصفه بالنقص على قدر ما أخذ العصفور ولا قائل بذلك ويصح أن يريد الخضر الإشارة للقلة على وجه ضرب المثل، ولو أنه عبر بما تأخذه الناموسة على فمها من البحر لساغ له ذلك أيضا لأنه أقل مما يأخذه منقار العصفور فاعلم ذلك.
روى الطبراني مرفوعا: " " سيظهر قوم يقرءون القرآن يقولون من أقرأ منا؟ من أعلم منا؟ من أفقه منا؟ أولئك هم وقود النار " ".
وفي رواية له أيضا مرفوعا: " " من قال إني عالم فهو جاهل " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نجادل في علم من العلوم الشرعية إلا بقصد نصرة الدين بشرط الإخلاص والحضور مع الله تعالى في ذلك على الكشف والشهود لا على الظن والرياء والغفلة والتخمين ومغالبة الخصوم من أهل مذهبنا أو غيرهم.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ متضلع من علوم الشريعة قد اطلع على جميع أدلة المذاهب المستعملة والمندرسة وسلك طريق القوم في درجات الإخلاص.
وأما من أراد العمل بهذا العهد بنفسه من غير شيخ فهو يروم المحال غالبا، وقد اطلعت بحمد الله تعالى على العين التي يتفرع منها جميع المذاهب في حال سلوكي، وتأملت جميع مذاهب المجتهدين ومقلديهم وهي متفرعة عنها كشفا ويقينا، فلم يخف علي بحمد الله تعالى من منازع أقوالهم إلا النادر، ولو أنني كنت سلكت وحدي بغير شيخ لكنت محبوسا خلف حجاب التقليد للأقوال، لا أعرف من أين جاءت.
ف * (الحمد لله رب العالمين) *.
واعلم يا أخي أنه لا ينبغي لمقلد الإمام أن يسمي جماعة الإمام الآخر خصوما كقوله إن قال الخصم كذا قلت كذا فإن حسن الأدب في اللفظ من أخلاق العلماء العاملين.
وقد أطلعني إنسان مرة على كتاب في الرد على الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه فرأيت تلك الليلة في واقعة الإمام أبا حنيفة، وقد تطور نحو سبعين ذراعا في السماء وله نور كنور الشمس، وأجد ذلك العالم الذي رد عليه تجاهه يشبه الناموسة السوداء انتهى. وإذا كان