بالأصابع وكان رزقه كفافا فصبر على ذلك ثم نقر بيده، فقال: عجلت منيته قلت بواكيه قل تراثه " ".
وفي رواية الحاكم: أغبط الناس عندي والباقي بنحوه.
وروى الترمذي وحسنه مرفوعا: " " عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا قلت لا يا رب ولكني أجوع يوما وأشبع يوما أو قال ثلاثا أو نحوها، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت شكرتك وحمدتك " ".
والحاذ: هو الخفيف الحال قليل المال.
وروى ابن ماجة والحاكم: " " إن الله تعالى يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا قلوبهم مصابيح الدجى يخرجون من كل غبراء مظلمة " ".
والأحاديث في هذا الباب كثيرة. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نزهد في الدنيا بقلوبنا ونرضى منها بالقليل اقتداء بجمهور الأنبياء والأولياء، ونرغب جميع إخواننا في ذلك، وسيأتي في عهد الصبر على البلاء حديث الترمذي مرفوعا:
" " ليست الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا هو أن لا تكون بما في يدك أوثق مما في يد الله تعالى وأن تكون في ثواب المصيبة إذ أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك " ".
وخرج بقولنا بالقلب الزهد فيها باليد مع تعلق القلب بها، فليس ذلك هو الزهد المشروع.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ عظيم ما فوقه شيخ في عصره يسلك به حتى يخرجه من ظلمة حب الدنيا إلى نور حب الآخرة ويريها له كأنها رأى عين، وهناك يزهد في الدنيا وجميع شهواتها المكروهة حين يرى حجابها له عن ربه مع فنائها وانقطاعها وعدم نظر ربه لها، كما ورد:
إن الله تعالى منذ خلق الدنيا لم ينظر إليها هوانا بها).