العلماء، لا على الأمر بتقديم الوقوف في الصف الأول على غيره مطلقا كما هو مقرر في كتب الفقهاء، فاعلم ذلك والله يتولى هداك.
روى الشيخان وغيرهما مرفوعا: " " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا " ".
وفي رواية لمسلم: " " لو يعلمون ما في الصف الأول لكانت قرعة " ".
وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم مرفوعا:
" " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها " ".
وروى ابن ماجة وغيره مرفوعا عن العرباض بن سارية:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للصف المقدم ثلاثا وللثاني مرتين وقد تقدم الحديث آنفا.
ولفظ ابن حبان كان يصلي على الصف المقدم ثلاثا وعلى الثاني واحدة.
وفي رواية للنسائي وابن حبان كان يصلي على الصف الأول مرتين. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نسوي صفوفنا ونتراص فيها ونقدم الوقوف في ميامنها على غيره من الوسط أو المياسر، وفي ذلك أسرار لا تذكر إلا مشافهة. وينبغي أن لا يكون بين أحد من أهل الصف وبين من هو في صفه شحناء ولا حسد ولا غل ولا مكر ولا خديعة ليوافق الباطن صورة الظاهر، فإن اختلاف القلوب أشد من اختلاف الجوارح، ولذلك منع الإمام مالك رضي الله عنه صحة اقتداء مصلي الظهر مثلا بمن يصلي العصر، وذلك لأن الجوارح تبع للقلب، فكأنما مكان المشاحن خال عن أحد يقف فيه لشرود قلب المشاحن عن جاره فليتأمل.
ومن الأسرار الظاهرة في ذلك، أن الله تعالى أمرنا بإقامة الدين ولا يقوم إلا إذا كنا على قلب رجل واحد، وفي القرآن العظيم:
* (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) *.
يعني قوتكم. ومن الأسرار أيضا أن الشيطان لا يدخل بين الصفوف ويوسوس