قال قولي:
" " اللهم إنك تحب العفو فاعف عنى " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نكثر من مخالطة أهل البلاء بقصد كثرة حمدنا لله وشكرنا له الذي عافانا منه أي من ذلك البلاء كل ما نرى صاحبه وأما حديث:
فر من المجذوم فرارك من الأسد.
فإنما ذلك وارد في ضعفاء اليقين رحمة بهم، كما رحم ضعفاء اليقين أيضا بنهيهم نهى شفقة عن الدخول في بلد فيه وباء أو طاعون، وإلا فلو كان كل من خالط أهل البلاء ابتلى أو دخل بلدا فيها وباء مات ما سلم أحد من المخالطين ولا من الداخلين، وكل من فر من الطاعون حتى انقضى زمنه ورجع تبين أنه لو لم يفر من الطاعون وجلس في بلده لكان لم يمت مثل غيره.
وأخبرني والدي رحمه الله أن والده الشيخ علي الشعرواي رضي الله عنه كان إذا رأى مجذوما أو أبرص دعاه وأكل معه اللبن والمائعات، ويقول: بسم الله ثقة بالله وتوكلا عليه نويت جبر خاطر أخي هذا.
قال: ودخل مرة بلدنا أجذم تقطر أطرافه صديدا، فتقذر منه أهل البلد فأدخله داره وحلب له البقرة وسقاه من اللبن ثم شرب فضلته.
وكان أخي أفضل الدين رحمه الله تعالى إذا رأى مبتلي يغشي عليه فإذا أفاق وقيل له في ذلك يقول: إنما خفت من سطوات الغضب الإلهي أن تلحقني لكوني أكثر منه عصيانا لله تعالى، فحكمي حكم من كان متهوما هو وآخر بقتل شخص ثم مسكوا صاحبه وعاقبوه بحضرته وهو ينظر فإنه يخاف ضرورة، ولو كان من أشجع الناس، فإن الشجاع ماله قوة إلا في أول إقدامه على البلاء، وأما إذا مسك وتوعد بالقتل والضرب وأنواع العقوبات فإن قلبه يتجزع، فولله لقد خلقنا لأمر عظيم ولكن رحمة الله وسعت كل شئ.
فعلم مما قررناه أن الحمد لله يعظم ويكثر عند مشاهدتنا أهل البلاء على الحمد الواقع في حال غيبتهم عن عيوننا.
وقد كان سيدي إبراهيم المتبولي إذا دخل مصر المحروسة من بركة الحاج يبدأ بدخول