(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن يكون رجاؤنا وظننا في الله تعالى حسنا بطريقه الشرعي بأن نأتي بجميع المأمورات الشرعية، ثم نرجو فضل ربنا ونعول على فضله لا على تلك الأعمال، فإنه لو أخذنا بما في طاعاتنا من سوء الأدب معه لعذبنا أبد الآبدين، وهذا الرجاء والظن بالله تعالى متعين على الإنسان في كل نفس، ومن قال إن ترجيح حسن الظن لا يكون إلا عند الموت قلنا له والموت حاضر عندنا في كل نفس من الأنفاس، ليس لنا عهد من الله تعالى برجوع نفس واحد إذا خرج، فيحتاج المؤمن إلى عينين عين ينظر بها إلى حضرة الانتقام فيخاف من الله تعالى، وعين ينظر بها حضرة الرحمة والمغفرة فيرجو فضل الله تعالى ورحمته، فالعينان في آن واحد لأنهما يتعاقبان فافهم.
ويحتاج من يريد الوصول إلى ذلك إلى شيخ يسلك به حتى يجعل له عينين بعد أن كان أعور، وقد حثنا الله تعالى على حسن الظن به بقوله:
" " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا " ".
فمن لم يظن بالله خيرا فقد عصى أمر الله تعالى، وقد مشى الصادقون من المريدين على هذه القاعدة مع أشياخهم، فإن ظنوا بشيخهم أن يحميهم من إبليس بنظره حماهم، وإن ظنوا أنه لا يقدر على حمايتهم فلا يصح لهم حماية، ولذلك أمروا مريدهم أن لا يغفل عن شهود كونه معه لأنه ما دام يشهد شيخا ملاحظا له فهو محفوظ من كل آفة، ومتى غفل عن ذلك جاءته الآفات من كل جانب.
ومما جربناه نحن أن من كان اعتقاده فينا متوفرا مهما طلب من الحوائج قضى له ومن لم يكن اعتقاده فينا متوفرا لم تقض له حاجة ولو كنا أقطابا فالمدار على حسن ظن المتوجه للشيخ لاعلى الشيخ وربما تقضى حاجة المعتقد ولم يكن يعلمها الشيخ إلا إن أعلمه بها المتوجه إليه فاعلم ذلك وسل الله تعالى أن يرزقك حسن الظن عند الموت، فربما كان الإنسان حسن الظن بالله تعالى حال الصحة فإذا حضرته الوفاة أساء الظن بربه فيجني ثمرة ذلك، فاعلم أن حسن الظن ليس في العبد وإنما هو مثل قوله تعالى:
* (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) *.
أي استصحبوا صفات الإسلام دائما، ولا تتركوها نفسا واحدا فكل وقت جاءكم الموت وجدكم مسلمين فافهم ذلك فإنه نفيس، وقد بسطنا الكلام على ذلك في أواخر عهود المشايخ.