وروى الطبراني مرفوعا: " " عليكم بالإثمد فإنه منبتة للشعر، ومذهبة للقذى، ومصفاة للبصر " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نسمي الله تعالى عند الطعام والشراب، وذلك لأن كل شئ فعل مع الغفلة عن الله فهو كالميتة، وفي القرآن:
* (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) *.
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فافهم. ففي التسمية تقديس الطعام وتزكيته وتنميته والحضور مع الله تعالى بأسمائه الحسنى لا سيما والأكل محل غفلة عن الله تعالى لقوة الداعية إليه، ومن هنا كرهت الصلاة بحضرة طعام أو شراب تتوق إليه نفس المصلي، ونهي عن الأكل والشرب في الصلاة ولو نفلا، لأن العبد لا يقدر أن يرد عن نفسه لذة الأكل والشرب فتزاحمه تلك اللذة في حال مناجاته، وتحول بينه وبين لذة مناجاة الحق تعالى التي هي روح الصلاة.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا يكمل الفقير حتى يحضر مع الله تعالى في حال الأكل والشرب وفي حال الجماع كم يحضر في حال الصلاة، ويجمع بين لذة الأكل ولذة المناجاة في آن واحد لا تحجبه إحدى اللذتين عن الأخرى، فيشكر الله تعالى من وجهين في آن واحد.
وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول: لا يكمل الفقير عندنا في الطريق إلا إن كان يسمع ملك الإلهام يقول يا فلان كل أو اشرب أو جامع أو قم أو اجلس، أو نم أو مد رجلك أو اخزن قوتك أو تصدق بما عندك ونحو ذلك، فمن لم يسمع ملك الإلهام فهو بعيد عن الحضرات الإلهية.
وسمعته مرة أخرى يقول: ما أكلت حتى ألهمت في نفسي يا فلان كل، ولا فرغت من الأكل حتى ألهمت يا فلان يكفي.
وسمعته يقول: كان سيدي عبد القادر الجيلي رضي الله عنه يقول: ما أكلت طعاما قط حتى قيل لي بحقنا عليك كل ولا نمت حتى قيل لي بحقنا عليك نم وهكذا.
وسمعته مرة أخرى يقول: ينبغي للفقير أن يأكل بنعت الحضور مع الله، فيرى أنه يأكل والحق ناظر إليه بعينه التي لا تنام يرى شره نفسه أو قناعتها، فمن أدمن ذلك رزقه الله القناعة وخلع عليه من الآداب ما لم يكن عنده.