مقدار أربعين ألف عام ولهب جهنم بجانبها يلتهب، وعليها حسك وكلاليب وخطاطيف، وهي تسعة جسور، يحشر العباد كلهم عليها، وعلى كل جسر منها عقبة مسيرة ثلاثة آلاف سنة، ألف سنة صعودا، وألف عام استواء، وألف عام هبوطا، وذلك قوله عز وجل: * (إن ربك لبالمرصاد) * يعني على أهل تلك الجسور وملائكة يرصدون الخلق فيها، فيسأل العبد عن الإيمان الخالص بالله تعالى، فإن جاء به مخلصا لا شك فيه ولا زيغ جاز إلى الجسر الثاني فيسأل عن الصلاة، فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر الثالث فيسأل عن الزكاة، فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر الرابع فيسأل عن الصيام، فإن جاء به تاما جاز إلى الجسر الخامس فيسأل عن حجة الإسلام فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر السادس فيسأل عن الطهر من الحدث، فإن جاء به تاما جاز إلى الجسر السابع فيسأل عن المظالم فإن كان لم يظلم أحدا جاز إلى الجنة، وإن كان قصر في واحدة منهن حبس على كل جسر منها ألف سنة حتى يقضي الله فيه بما يشاء " ". الحديث.
ففتش يا أخي نفسك فإن كنت وقعت في شئ من هذه الذنوب التي ذكرت في المواقف المذكورة فقد سمعت ما تجازى به وإن تكن وقعت في شئ منها أو وقعت وقبل الله تعالى توبتك لم تقاس شيئا من تلك الأهوال حتى تدخل الجنة برحمة الله تعالى، ولكن من أين لك أن تعرف أن الله تعالى قبل توبتك فوالله لقد خلقنا لأمر عظيم تذهل فيه عقول العقلاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول: كل الخلق تحت المشيئة ويخاف عليهم دخول النار ما عدا الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام، وقد درج الأكابر كلهم على قدم الخوف مع عملهم بالشريعة على الكمال، فكيف يليق بغيرهم عدم الخوف؟
ولكن إبليس للخلق بالمرصاد، فربما طمع العصاة في جانب العفو والمغفرة حتى تراكمت عليهم الذنوب مع عدم التوبة حتى أتلف عليهم دينهم، وكان ذلك من جملة مكر إبليس بهم. فالعاقل من عمل وخاف من الله عز وجل أن يدخله النار بذنوبه التي شملتها طاعاته فضلا عن معاصيه.