وتقدم في عهود العفو عن الناس حديث:
" " أصلحوا بين الناس فإن الله يصلح بين عباده في الآخرة " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نرد عن عرض أخينا المسلم إذا استغابه أحد عندنا أو بلغنا ذلك عنه حسب الطاقة، وهذا العهد قد صار غالب الناس يخل بالعمل به حتى بعض مشايخ العصر من العلماء والصلحاء فتراهم يسكتون على غيبة أخيهم وربما اشتفوا بذلك في نفوسهم، وهذا من أقوى الأدلة على عدم فطامهم عن محبة الدنيا على يد شيخ ناصح، فإن محبة الدنيا بحب الانفراد فيها بالمقام ومحبة الصيت والشهرة والكمال ويكره من يعلوه في ذلك فهو يتوهم بغيبة الناس لمن يعلوه أن الناس إذا نقصوه يزول اعتقادهم فيه ويعكفون على اعتقادهم له هو، وغاب عنه أن من نوى شيئا أو فعله رجع عليه نظيره، ولو أنه تشوش ممن استغاب أخاه المسلم لزاده الله تعالى رفعة على أقرانه كلهم، لأن الحماية إنما هي من الله تعالى لا من الخلق.
وقد أخذت علينا العهود من المشايخ أن نقوي نور إخواننا جهدنا ونطفئ نور أنفسنا جهدنا ليرجع نظير ذلك علينا، فإن من سعى في إطفاء نور أخيه أطفأ الله تعالى نوره، وما رأيت على هذا القدم من أهل عصرنا هذا أشد عملا بهذا العهد من سيدي محمد الشناوي، والشيخ عبد الحليم وأخي أبي العباس الحريني؟؟، فما يذكر عندهم أحد من أهل الخرقة إلا ويذكرون محاسنه ويربونه عند الناس، وهذا العهد بحمد الله تعالى من خلقي مع الأمراء الواردين علي فلا أكاد أفتر عن ذكر محاسن غيري من مشايخ العصر عندهم لأصرفهم عني إلى غيري، وذلك لأني لا أقبل لهم هدية ولا أحب بحمد الله ترددهم إلي، وأرى جميع ما معي من الأعمال لا يجئ حق طريق ذلك الأمير إذا جاءني مرة واحدة، ولو ترددت إليه ألف مرة لا أرى أنني كافأته على تلك المرة.
وكان على ذلك سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى كان إذا بلغه أن أحدا من الأمراء عازم على زيارته يذهب هو إليه قبل أن يأتي الأمير إليه.
وكان إذا ورد عليه أحد يطلب شفاعة عند أحد يقول له أنت من أي الحارات؟
فيرسله إلى من يكون ساكنا في تلك الحارة من الفقراء، ويقول ما نقدر نتعدى الأدب على الناس في حاراتهم، وإن رأى عند ذلك الرجل قلة اعتقاد فيمن يكون في حارته من الفقراء حسن اعتقاده فيه ويقول مقصودي أن أكون مقيما عند فلان من جملة