ولفظ رواية ابن حبان في صحيحه: " " لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه " ". والله تعالى أعلم (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نرغب إخواننا التجار وغيرهم في الصدق في أخبارهم بالثمن خوفا عليهم وعلى أموالهم من النقص، فإن الله جعل البركة مقرونة بالصدق في العمل والعلم والعمر والرزق وغير ذلك، فمن لم يصدق نزع الله البركة من علمه وعمله وعمره ورزقه.
وقد كان شخصا بجوارنا معصرانيا، يخبر بالثمن باطلا وكان ماله نحو العشرة آلاف دينار، فذهبت كلها وصار يسأل الناس، فقلت له: ما سبب خسارتك، فقال:
كنت أخلط الزيت الحلو على الشيرج وأبيعه على أنه شيرج، ولا أتذكر قط أني بعت بخسارة، فقلت له، كفى بخلطك الزيت الحلو غشا وخسارة فتوبته عن ذلك، فتاب بحمد الله، وقال: ما بقي عندي شئ من الغش ولا غيره، فأخذت له ألف دينار من بعض إخواننا واشترى بها حبا للمعصرة، وجلس يبيع فرأيته تلك الليلة وهو يضع الغلة في حق فكل شئ وضعه فيه طار منه في الهواء كقشر السمك، فقلت لصاحب الفلوس: النية تغيرت فأدرك مالك قبل أن يتلف فراح المعصراني إلى شيخ قالوا إنه يكاشف فقال لصاحب المال: لا تخاف ولا تسمع لمن يخوفك فرأيته تلك الليلة يطحن السمسم فيخرج من تحت الحجر كالنخالة لا دهن فيه، فقلت لصاحب الفلوس: أدرك مالك فراحوا لشيخ آخر فقال لا تخافوا فنمت تلك الليلة فرأيته يبني جدارا على حرف جسر الفيض أول قطعة، وكلما وضع شيئا ينهال به الجرف، فقلت لصاحب المال خذ مالك فدعا المعصراني إلى القاضي فأنكر المال جملة واحدة فجمعت بين الاثنين وقلت لصاحب المال قد عرفنا قلة بركة المال المعصراني فما سبب قلة البركة في مالك أنت الآخر، فقال:
كنت أبيع الناس بالنساء وزيادة الثمن حتى لا يكاد أحد يستفيد شيئا من ورائي فمحق الله بركة مالي فما رأيت بعد ذلك خيرا.
فاصدق يا أخي في إخبارك المشتري ولا تغش فيحول الله عنك النعم والله يتولى هداك.
ورى الترمذي وقال حديث حسن وابن ماجة مرفوعا:
((التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " ".