من يتغنى بالقرآن أي يحسن به صوته، قال وذهب سفيان بن عيينة وغيره إلى أنه من الاستغناء وهو خلاف الظاهر.
وروى أبو داود والنسائي وابن ماجة مرفوعا:
" " زينوا القرآن بأصواتكم " ".
قال الخطابي رحمه الله: معناه زينوا أصواتكم بالقرآن هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث، وزعموا أنه من باب المقلوب كما قالوا عرضت الناقة على الحوض أي عرضت الحوض على الناقة، لأن الذي يشرب هو الذي يعرض عليه الماء، ثم روى بإسناده مرفوعا:
" " زينوا أصواتكم بالقرآن " ". قال وهو الصحيح.
وروى ابن ماجة مرفوعا: " " إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به فمن لم يتغن بالقرآن فليس منا " ".
وفي رواية له أيضا مرفوعا: " " إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله " ".
وروى أبو داود أنه قيل لابن أبي ملكية، أرأيت إن لم يكن حسن الصوت قال يحسنه ما استطاع اه. ومعناه حسن القراءة لا المقروء والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على قراءة ما ورد من الآيات والسور كل يوم وليلة، كالفاتحة وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة وخواتيم سورة آل عمران وقراءة سورة يس، والواقعة والدخان وتبارك ونحو ذلك والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة، ومن واظب على ذلك كان في حرز وأمان من الآفات الظاهرة والباطنة.
وأكثر من يخل بهذا العهد بعض طلبة العلم الذين حدثوا في هذا الزمان فلا تكاد تجد لأحدهم وردا من القرآن ولا من الأذكار وإن كلمهم أحد في ذلك جادلوه، وقالوا نحن مشتغلون بالعلم، وربما جلس أحدهم يلغو ويمزح ويستغيب الناس أضعاف زمن تلك الأوراد ولا يقول لنفسه قط إن الاشتغال بالعلم أفضل أبدا بل ربما نسي بعضهم القرآن في حجة اشتغاله بالعلم وهو ذنب عظيم، كل ذلك لعدم من يربيهم.