بخيلا لم يعط أحدا شيئا ولكان الحق تعالى ذمه كما ذم البخيل، فاعلم أن الحق تعالى ما ذم البخيل إلا تحريضا للمؤمن على الإنفاق وإن لله عبادا رفع درجاتهم بعدم إطعامهم الطعام لأن في ذلك رائحة منه تطرق العبد وعبيد الله الخلص لا يرون أنهم يشاركون الحق تعالى في المنة على عباده، بقوله تعالى حكاية عن لقمان:
إن الشرك لظلم عظيم فافهم.
واعلم أن مدح الكريم إذا من فضل الله وذم البخيل إذا من عدل الله من حضرتي اسميه المعطى والمانع كما أوضحنا ذلك في رسالة الأنوار القدسية.
فاسلك يا أخي على يد شيخ إن أردت العمل بهذا العهد، والله يتولى هداك:
* (وهو يتولى الصالحين) *.
روى أبو داود والترمذي وقال حديث حسن، والحاكم وقال صحيح الإسناد، مرفوعا:
" " من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله تعالى له برزق عاجل أو آجل.
وفي رواية للحاكم: أرسل الله له بالغنى، إما بموت عاجل أو غنى آجل " ".
وفي رواية للطبراني مرفوعا: " " من جاع أو احتاج فكتمه عن الناس وأفضى به إلى الله كان حقا على الله أن يفتح له قوت سنة من حلال " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نقبل كل ما جاءنا من الحلال من غير استشراف نفس ولا نرده، وذلك لأنه جاءنا من عند الله تعالى من غير تعمد وقع منا أو اجتلاب، قال تعالى:
* (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) *.
ولا يمتن الحق تعالى على العبد إلا بما هو حلال محمود.
وكانت طريقة سيدي أبي الحسن الشاذلي، أنه لا يسأل ولا يرد ولا يدخر، وكذلك كانت طريقة سيدي أحمد بن الرفاعي رحمهم الله تعالى.
وفي الحديث: من تورع عن الحلال وقع في الحرام.