(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نشفق على جميع خلق الله تعالى من مؤمن وكافر بطريقه الشرعي كل بما يناسبه من الرحمة، لكن لا نبالغ في الرحمة كل المبالغة بحيث نرحم الشاة فلا نذبحها مثلا لأن للرحمة حدا لا تتعداه، وقد سمى الحق تعالى نفسه أرحم الراحمين وأمرنا بذبح الحيوانات فنذبحها مع رقة القلب، ونضرب من شرد عن طريق الاستقامة من رعية وعبد وولد وبهيمة رحمة به على وجه التأديب لا التشفي للنفس ونكون أرحم به من نفسه وراثة محمدية، وقد تحققنا بذلك ولله الحمد، فأنا أتأثر على إخواني إذا فاتهم شئ من الخير أكثر مما يتأثر أحدهم إذا فاته ذلك، وأحب لهم أن لا يكون معهم من الدنيا سوى ما يسد جوعتهم ويوارى عورتهم، وأكره لهم الزيادة من الدنيا التي تشغلهم عن ربهم وهم لا يكرهون ذلك وأحب لهم الأمراض التي تكفر عنهم خطاياهم وأفرح لهم بها وهم يغتمون من ذلك وينقبضون له وأحب لهم أن يصبروا على ظلم الناس لهم، وأذاهم لهم، وهم يرضون بالصك والضرب بالنعال، وأكره لهم الانتصار لأنفسهم وهم يحبون ذلك وهكذا، فأنا أشفق عليهم وعلى دينهم من أنفسهم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسيأتي في عهود المنهيات التي رأيت في واقعة لوحا نزل من السماء في سلسلة من فضة في أرض البلور الأبيض فرأيت فيه ثلاث عيون تتفجر ماء أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج، مكتوب على العين العليا: مستمد هذه العين من الله، ومكتوب على الوسطى مستمد هذه العين من العرش، ومكتوب على السفلى: مستمد هذه العين من الكرسي، فألهمني الله أن أشرب من عين العرش فشربت منه حتى رويت، فقصصت ذلك على الشيخ شهاب الدين المعبر، فقال: " " تتخلق بالرحمة على جميع العالم على حسب الحد المشروع، فالحمد لله رب العالمين.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: " " من شروط من تخلق بالرحمة على العالم أن يعامل الجماد معاملة الحي، فيمسك كوز الماء مثلا ويضعه برفق وشفقة، خوفا أن يتألم من الوضع " " قال: وقد وضعت الكوز مرة بعنف فقال: أه، فمن ذلك اليوم وأنا أضعه برفق.
وكان رضي الله عنه يملأ قعاوي؟؟ الكلاب ويقول: " " إنهم مساكين لا يقدرون يملؤون من البئر إذا عطشوا ويمنعهم الناس من دخول دورهم، ومن الشرب من حيضان دوابهم خوف التنجيس " ".