فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ صادق يسلك به في مقامات الأدب مع الله تعالى ومع الأئمة الذين نصبهم الشارع يصلون بالناس حتى يصير لا يركع ولا يرفع من ركوع ولا سجود إلا بحكم الاتباع لهم والحضور مع الله تعالى في ذلك، فإن ذلك هو فائدة صلاة الجماعة، وأما بغير سلوك فلا يصح له ذلك ولو أنه راعاه يراعيه في الغالب بتكلف بخلاف السالك للمقامات لا يصير عنده تكلف في امتثال أمر الشارع أبدا، كما أنه لا يتكلف لدخول النفس وخروجه فتأمل ذلك فإنه نفيس.
* (والله غفور رحيم) *.
روى الشيخان وغيرهما مرفوعا: " " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه من ركوع أو سجود قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس كلب " ".
وفي رواية للطبراني مرفوعا: " " الذي يخفض ويرفع قبل الإمام، إنما ناصيته بيد شيطان " ".
قال الحافظ المنذري: وممن قال بعدم صحة صلاة من خفض ورفع قبل الإمام عبد الله بن عمر، ولكن عامة أهل العلم على أنه أساء فقط وصلاته مجزية غير أن أكثرهم يأمرونه أن يعود إلى السجود ويمكث في سجوده بعد أن يرفع الإمام رأسه بقدر ما كان ترك قاله الخطابي. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتساهل بترك إتمام الركوع والسجود والاعتدال فيهما سواء كنا أئمة أو مأمومين أو منفردين وأما الزيادة في التطويل على الذكر الواجب والمندوب، فلا يليق بالإمام بل ربما أبطلوا صلاته إذا طول الاعتدال زيادة على الذكر الوارد فيه المطلوب منه وإنما يليق ذلك بالمنفرد، وأما المأموم فهو تابع لإمامه، ثم إن طول تطويل خارجا عن المأمور به فله مفارقته ولو بلا عذر.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا ينبغي للفقير إذا كان يغلب عليه الذهول في حضرة الله عن شهود المأمومين أن يجعل نفسه إماما بالناس لأن مثل هذا تحت أسر القدرة الإلهية لا اختيار له إلا أن يأمره الشارع بتطويل قراءة الثانية على الأولى كقراءة سورة الغاشية في الركعة الثانية من الجمعة وفي الأولى بسبح اسم ربك الأعلى مع أنها أقصر