ثم قال: " " كاد الجعل يعذب في جحره بذنب ابن آدم " ". والجعل بضم الجيم وفتح العين دويبة تكاد تشبه الخنفساء تدحرج الروث بأنفها. والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتهاون في مخالفة أغراض والدينا ولو مباحة، فنفعلها لهما لأنها واجبة أو مندوبة وتجتنب كل ما يكرهونه كأنه حرام أو مكروه، وذلك أن الشارع صلى الله عليه وسلم لم يذكر للعقوق ضابطا يرجع إليه، وإنما ذكر لأننا لا نخالفهم فيما يطلبونه منا.
ويحتاج العامل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ صادق حتى يعرفه مقام الوالدين عند الله تعالى.
وقد كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لا يأكل مع والدته قط في إناء واحد خوفا أن يسبق بصرها إلى لحمة أو رطبة أو زبيبة أو عنبة أو تينة فيأكلها وهو لا يشعر.
واعلم يا أخي أنه لا فرق في النهي عن مخالفة الوالدين والد الجسم أو والد القلب، بل مخالفة والد القلب أشد لأنه ينقذه من النار أو مما يقرب من النار، وأما والد الجسم فإنما كان سببا في إيجاده في أسفل المراتب، فكأنه أوجده كالطينة أو كالحديدة المصدأة فلم يزل والد القلب يلطفه حتى صار كالبلور الأبيض أو كالذهب المصفى، وأيضا قالوا أبو الجسم كان سببا لمجاورته للحيوانات والبهائم، وأبو الروح كان سببا في مجاورته لأهل حضرة الله من الملائكة والأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين، وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول: لا يقدر مريد يجازي شيخه على تعليمه أدبا واحدا في الطريق ولو خدمه ليلا نهارا، إلى أن يموت.
فاسلك يا أخي على يد شيخ لتعرف مقدار حق الوالدين وتجتنب عقوقهم والله يتولى هداك.
وروى البخاري وغيره مرفوعا: " " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ومنعا وهات.
روى البخاري وغيره مرفوعا: " " إن الله أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا؟ فقالوا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين " ".
وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد مرفوعا: