والمدقع هو الشديد الملصق صاحبه بالدقعاء يعني الأرض التي لا نبات بها والغرم هو الذي يلزم صاحبه أداؤه يتكلف فيه لا في مقابلة عوض، والمفظع هو الشديد الشنيع، والدم الموجع هو الذي يتحمل عن قريبه أو حميمه أو نسيبه دية إذا قتل نفسا ليدفعها إلى أولياء المقتول. ولو لم يفعل قتل قريبه أو حميمه الذي يتوجع لقتله. والله تعالى أعلم، (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن ننزل جميع فاقاتنا ومهمات أمورنا في الدنيا والآخرة بالله تعالى في سرائرنا قبل ذكرها للخلق لأنه تعالى:
* (بيده ملكوت كل شئ) *.
فإن لم يجبنا سبحانه وتعالى إلى رفعها علمنا حينئذ أن المانع إنما هو منا لعصياننا لأوامره وعدم اجتنابنا لمناهيه، فنكثر من الاستغفار، ثم نسأل فإن لم يجبنا توسلنا بالخلق فنسألهم من غير وقوف معهم، ونراهم كالأبواب التي يخرج منها صدقات الحق تعالى.
وهذا العهد قل من يتنبه له من الفقراء فيسبق لهم الطلب من الخلق قبل الطلب من الله تعالى، والخلق كلهم مفسدون فلا يعطونهم شيئا فيعسر الله تعالى عليهم أرزاقهم عقوبة لهم على سوء أدبهم معه سبحانه وتعالى، وقد رأيت في واقعة أنني نزلت تحت الأرض فوجدت الأموات في فضاء واسع وهم جالسون حلقا، حلقا يتحدثون على كثيب من رمل أبيض، فسلمت عليهم فلم يردوا علي السلام، وقالوا لسنا في دار تكليف، فقال لي شخص منهم اسمع مني هذا الدعاء لتدعوا به إذا رجعت إلى الدنيا فقلت له نعم، فقال إذا أصابك أمر يهمك من أمور الدنيا والآخرة فقل اللهم: إني أنزلت بك ما يهمني من أمور الدنيا والآخرة، فحفظتها منه، فلم أزل أدعو بها في كل أمر مهم إلى وقتي هذا.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به إلى حضرة التوحيد حتى يكون الغالب عليه ذكر الله عز وجل فيرى الحق تعالى أقرب إليه من الخلق فيسأله قبل كل أحد ومن لم يسلك كما ذكرناه فمن لازمه البداءة بسؤال الخلق لكون الغالب عليه شهودهم قبل الحق، كما أن من لازمه أيضا عداوتهم إن لم يعطوه، ولو قلت له إنما لم يعطوك لأن الله تعالى لم يقسم لك على أيديهم شيئا لم يلتفت إلى قولك، وهذا كله جهل بالله تعالى وبالشريعة، فإن الله لو قسم لأحد شيئا عند ذلك البخيل مثلا لوصل إليه ولو بالغصب والنقب، فاعلم أن الكريم ليس منة على أحد والمنة في ذلك لله وحده وإنما مدحه الله تحريضا له على التكرم لما هو عليه في نفسه من البخل والشح، فلولا المدح لربما كان