والأحاديث في أذكار أعضاء الوضوء وبعد الوضوء محررة في كتب الفقه والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نواظب على الركعتين بعد كل وضوء بشرط أن لا نحدث فيهما أنفسنا بشئ من أمور الدنيا أو بشئ لم يشرع لنا في الصلاة، ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به حتى يقطع عنه الخواطر المشغلة عن خطاب الله تعالى.
واعلم أن حديث النفس المذموم ليس هو رؤية القلب لشئ من الأكوان كما توهمه بعضهم، فإنه ليس في قدرة العبد أن يغمض عين قلبه عن شهود أنه في مكان قريب أو بعيد من بستان أو جامع أو غير ذلك، فإن في حديث الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال:
" " رأيت الجنة والنار في مقامي هذا " ".
وكان ذلك في صلاة الكسوف، فلو كان ذلك يقدح في كمال الصلاة لما وقع له صلى الله عليه وسلم ذلك، وحمل بعضهم ما وقع له صلى الله عليه وسلم على قصد التشريع لأمته بعيد.
وأما ما نقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من تجهيز الجيوش في الصلاة، فذلك لكماله، لأن الكمل لا يشغلهم عن الله شاغل مع أن ذلك كان في مرضاة الله عز وجل.
فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح يشغلك بالله تعالى حتى يقطع عنك حديث النفس في الصلاة كقولك أروح لكذا أفعل كذا أقول كذا أو نحو ذلك وإلا فمن لازمك حديث النفس في الصلاة، ولا يكاد يسلم لك منه صلاة واحدة لا فرض ولا نفل، فاعلم ذلك وإياك أن تريد الوصول إلى ذلك بغير شيخ كما عليه طائفة المجادلين بغير علم فإن ذلك لا يصح لك أبدا.
وقد قال الجنيد يوما للشبلي وهو مريد: يا أبا بكر إن خطر في بالك من الجمعة إلى الجمعة غير الله فلا تأتنا فإنه لا يجئ منك شئ.
قلت ومراده بغير الله عز وجل غير ما لا يرضيه من المعاصي وإلا فحضور الطاعات على القلب لا يقدح في السالك بالإجماع.