ثم بعد مدة يقول له أعطها للفقير الفلاني، وأنا ألبسك خلعة أخرى أنفس من تلك في الثمن واللون والرقة، فإذا أعطاها ألبسه السلطان أخرى بيده.
وقد قال لي الأمير يوسف بن أبي أصبغ: نزع لي السلطان قايتباي مضربته وألبسها لي بيده فكدت أن أغيب من لذة يده، فكانت عندي ألذ من جامكية وظيفتي.
وألبسه السلطان الغوري مرة ثوب صوف وعمامة فأعطاهما لي، فأبيت أن ألبسهما أدبا مع السلطان فحلف علي فلبستهما، وكان سجاف الصوف بسبعة عشر دينارا ذهبا فضلا عن الصوف، وأما الشاش فكان عرضه نحو سبعة أذرع، ثم بعد مدة تصدقت بهما فالحمد لله الذي خلع علينا ملابس الملوك.
وحكى لي سيدي علي الخواص رحمه الله أن السلطان قايتباي أرسل لسيدي إبراهيم المتبولي سلادي فلبسه، وتحزم عليه بحبل حلفاء وصار يعزق في الغيط، وهو لابسه فصار كله وحلا ثم نزعه وأعطاه لفقير، وقال له بعه وانتفع بثمنه.
فاعلم ذلك واعمل عليه والله يتولى هداك.
روى الترمذي والحاكم مرفوعا: " " ما من مسلم كسا مسلما ثوبا إلا كان في حفظ الله ما دام منه خرقة " ".
وفي رواية للترمذي: " " من كسا مسلما ثوبا لم يزل في ستر الله ما دام عليه منه خيط أو سلك " ".
وفي رواية لأبي داود مرفوعا: " " أيما مسلم كسا مسلما ثوبا على عري كساه الله من خضر الجنة " ".
وروى ابن أبي الدنيا موقوفا: " " يحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط وأجوع ما كانوا قط وأظمأ ما كانوا قط وأنصب ما كانوا قط، فمن كسا لله عز وجل كساه الله عز وجل " " الحديث:
وروى الطبراني عن عمر مرفوعا: " " أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن كسوت عورته أو أشبعت جوعته أو قضيت له حاجة " ". والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نبقي الشيب