قال الحافظ المنذري رحمه الله: والمراد بهؤلاء الملائكة هم الذين ينزلون بالرحمة والبركة دون الحفظة، لأن الحفظة لا يفارقون الإنسان على أي حال من الأحوال ثم قيل إن هذا في حق كل من أخر الغسل من غير عذر ولا عذر إذا أمكنه الوضوء فلم يتوضأ وقيل هو في حق من يؤخره تهاونا وكسلا ويتخذ ذلك عادة.
قلت: قد رأيت في مسند الإمام سنيد رحمه الله مرفوعا:
" " استحيوا من ملائكة ربكم، فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الجماع والبراز " ".
فصرح بأن الملائكة تفارقه في حال الجماع والبراز اللهم إلا أن يريد ملائكة الرحمة والبركة فيصح قول المنذري. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتهاون بترك التسمية على طهرنا وذلك لأن كل شئ لا يذكر اسم الله تعالى عليه فهو كالميتة وما شرعت الطهارة بالماء إلا لتحي سطح البدن، وبعد أن مات أو ضعف بالمعاصي وأكل الشهوات وتراكم الغفلات، فإذا سمى الله تعالى مع الماء حصل له تمام الحياة فبذكر اسم الله تعالى يطهر الباطن والماء يطهر الظاهر فيقوم يناجي ربه بكل شعرة فيه وكل ذرة، بخلاف من ترك التسمية فإنه ميت القلب أو مريضة، وهذا العهد يتعين العمل به على كل متدين، وغالب الناس يقولون هذه سنة يصح الوضوء بدونها ولا يقدح في صحته تركها ولا يعرفون ما ذكرناه من سرها.
فواظب يا أخي على التسمية وأعد وضوءك استحبابا إن تركتها والله يتولى هداك.
قال الحافظ عبد العظيم: ومما جاء من الترهيب في ترك التسمية عامدا قول الإمام أبي بكر بن أبي شيبة ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لا وضوء لمن لم يسم الله. كذا قال.
روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم مرفوعا:
" " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " ".
لكن ضعفه بعض الحفاظ. وقد ذهب الحسن والنخعي وإسحاق ابن راهويه وأهل الظاهر إلى وجوب التسمية في الوضوء حتى إنه إذا تعمد تركها أعاد الوضوء، وهو رواية